بلاد ( الكرب) أوطاني ..زنقة زنقة بيت بيت

2015-01-05 19:37

 

في سبعينات القرن الماضي كنا ننتشي ونحن ننشد بلاد العرب أوطاني  من ... وإلى ....

وكنا نستمتع بمادة الجغرافيا  حيث درسنا  خرائط الأقطار العربية بكل تضاريسها الممتعة , وأسماء عواصمها وأهم مدنها وموانئها ومطاراتها , وبحارها وخلجانها وأنهارها , وجبالها وصحاريها ومن ثم أهم صادراتها ومنتجاتها الزراعية والبترولية والسمكية والصناعية .. الخ , بلاد الحرمين مكة المكرمة والمدينة المنورة ومقدساتها الكعبة المشرفة ومسجد الرسول الأعظم سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم , بيت المقدس وفلسطين السليبة , ثرواتنا العربية ,   بترول الخليج وقمح العراق ونسيج حلب وفواكه سوريا وزيتون فلسطين وتفاح وجمال لبنان  وأم الدنيا وعجائبها وأهرامات خوفو وخفرع ومنقرع وقاهرة المعز  وعظمة قناة السويس وأهمية باب المندب وإستراتيجية ميناء عدن  ومضيق جبل طارق وقطن الصعيد وعن تونس الخضراء وسونا تراك وديوان تمور الجزائر وفوسفات المغرب  وموز الصومال  وعن السودان سلة غذاء الوطن العربي .. وكلها بلاد العرب أوطاني .

 

وتفاصيل السكان وحياتهم واهتماماتهم وثرواتنا الزراعية والحيوانية والسمكية .

,أهم رابط عظيم بعد الدين والجغرافيا لغتنا العربية العظيمة لغة القرآن الكريم التي تجمع اللسان العربي المبين .

وكنا نحفظ أسماء العواصم وأهم المدن وأسماء الموانئ والمطارات والأنهار والبحار والخلجان  والجزر والصحارى والجبال والوديان والسهول والسهوب والتهايم  .. الخ.

 

أما اليوم فأرى أن تسقط مادة الجغرافيا من جميع مناهج التدريس في عموم الوطن العربي ( بلاد الكرب ) فنحن جميعا بفضل الأنظمة الفاشلة والقتل والتدمير ومهووسي الدم والتكفير والتفجير والحروب المشتعلة نيرانها في أغلب الدول العربية .

صرنا نحضر دروس الفناء الوجودي والسياسي والاجتماعي والجغرافي في ( بلاد الكرب أوطاني ) كل يوم 12 حصة وعلى رأس كل ساعة يتجدد القتل والتدمير ويحضر صوت وصورة دماء وأشلاء ونار وخراب ورماد .

وبفضل قنواتنا العربية ومراسليها صرنا نعرف وطن الكرب العربي ( مدينة ,مدينة ,حي , حي هجرة ,هجرة , زنقة , زنقة بيت , بيت ( رحم الله القذافي ) ’.

وكل يوم يتجدد الدرس عند كل مذبحة وتفجير انتحاري وعند كل جمهرة وزوبعة , كل ذلك وأكثر وهي تتكشف لنا بيوت وشقق وطننا العربي غرفة غرفة وحمام حمام . وهي محشوة مستودعات للمتفجرات وتجهيز وتفخيخ المفخخة عقولهم .

 

وصرنا نحفظ حتى أسماء القرى الصغيرة من صعده , كتاف > دماج >بيت عياض > القطن > إلى رداع  >الضلوعية > الفلوجة >العمارة ,تلعفر, الرمادي  وتلمسان وإلى تدمير سوريا من الرقة ,القامشلي وادلب والقنيطرة وجبل الشقور والقلمون ناهيك عن كل المدن السورية ثم إلى ما حفظنا من قبل ((عند تشريح لبنان ))عن إقليم التفاح  وعين الرمانة وجبال الشوف وبنت جبيل وجبل محسن ومزارع شبعا. وإلى دمار ليبيا  الزنتان ودرنا ومصراتة وراس لانوف  , إلى تيزي أوزو وقبلها الجزائر ومجازر المدية ( بالمدية )والقسنطينة وجبال الامازيق وإلى أرض الكنانة من تفجيرات الأقصر إلى عصابات سيناء ابو عريش والشيخ زويد وأنفاق سيناء ولهيب الإسكندرية , وإلى سلة (نصف السودان بعد بتره ) الذي كان امن الوطن العربي الغذائي . جنوب كردفان والنيل الأزرق و واو وأيبية  ودار فور وكل بيت يعربي مكربي .

وإلى تفاصيل أكثر وأسماء خلفاء صغار وقرى اصغر في تفاصيل التفاصيل التي توردها لنا نشرات الأخبار اليعربية  ومراسليها بعيونهم الحمراء ومن قلب كل مربع عربي تسيل فيه الدماء كل يوم حزين على العروبة جديد في كل العالم .

 دماءُ بكل زاوية تسيل              و ويلُ يولدُ من بطن ويل

 وإرهابُ وتدميرُ وقتلُ             وليلُ يخرجُ من جنح ليلِ

متى يتنفس الصبح الجميل           وهل إلى خروجٍ من سبيلٍ؟

ودم الجغرافيا الحمراء يهلُ            علينا كل ساعة بالعويل

 

مع خالص التحيات الطيبات

بقلم صلاح الطفي

 ( الرياض )