نشرت لي «الأيام» موضوع (متقاعدو اليمنية “اليمداويون”.. ليل إلى متى؟)، في 25 ديسمبر الجاري، فاتصل بي الرجل الكبير المهندس سعيد ناجي سنان، متعه الله بالصحة وأطال عمره، وشكرني على الموضوع وما حمله من كلمات الإنصاف في ظل الإجحاف. وقال لي الرجل: حتى الراتب الوضيع الذي ذكرته لا أتسلمه لأن اليمنية أعلنت الحرب عليَّ لأنني هندست لمشروع شركة (سبأ للطيران) التابع للشيخ محمد بن يحيى الرويشان الذي رسا اختياره وقناعته على الباشمهندس سعيد سنان الذي أثبت جدارة عالية في التخطيط لكل أركان المشروع وحصل على ترخيص الاستثمار وموافقة منظمة (الإيكاو) (icao) و(اليمنية)، حيث بدأ التخطيط منذ العام 2007 وعندما قدمت وثيقة المشروع وبدايته (6) طائرات (إيرباص) قامت قيامة (اليمنية) الخاضعة للأسرة المالكة وامتنعوا عن منح الموافقة النهائية وأعلنوا الحرب على سنان.
شركة (سبأ للطيران) كما قال لي الرجل الكبير سنان ستخفف العبء عن (اليمنية) لأن معيار جدارة مؤسسة الطيران تكمن في القدرة على استيراد العملة الصعبة وليس تصديرها كما هو حاصل عندنا. واستطرد في تفصيل حيثياته وقال: “(اليمنية) لا تنافس الشركات العاملة عندنا: التركية والمصرية والإماراتية والأردنية و(الاتحاد) الإماراتية، ورحلات تلك الشركات في معظمها يومية، واليمنية تتقهقر في مواجهتها ولا تحرك ساكنا، وأيش معنى حركت ساكنا مع (سبأ للطيران)؟”. وأضاف: “الشركات التي ذكرتها تغرف من سوقنا عملة صعبة كأنها تغرف سمكا من بحر، وهي بالتالي تورد العملة الصعبة من بلادنا إلى بلادها”.
حدثني الرجل الكبير وقال: “يا نجيب، تعرضت للجلطة مرتين، وعدت مؤخراً من العاصمة الأردنية عمان، حيث خضعت لعملية دقيقة في العمود الفقري، وأقسم بالله العظيم أنني لم أطلب من الشيخ الرويشان دولارا واحداً، وإنما بادر هو وتحمل كل التكاليف”. وقال أيضا: “يا نجيب، الله وحده أعلم كيف كان سيكون حالي، تصور أنه لا أحد كلف نفسه بالاتصال أو طرق بابي يسأل عن الحال، سوى هذا الرجل الطيب (والكلام للرجل الكبير) الذي يوفر لقمة العيش لـ(50) ألف موظف وعامل، أي (50) ألف أسرة”.
الأوجاع التي قلبها الرجل الكبير ذكرتني بأوجاع الإعلامية الفاضلة أختنا العزيزة رضية سلطان طريحة الفراش لأن ضمائر المسؤولين هي الأخرى طريحة الفراش.. هذه الإعلامية الفاضلة بدأت مشوارها مع إذاعة عدن عام 1976 وأفاضت وفضفضت في حديث إلى “الأيام” أجراه معها الزميل المجرب مختار مقطري في 3 أكتوبر 2005 (أي قبل تسع سنوات) وقالت في سياق حديثها الذي افترش كامل الصفحة (9) من العدد المذكور: “نعم، فبعد ذهابي مرتين لسوريا للعلاج احتجت الآن ووفق التقرير الطبي لعملية في العمود الفقري في ألمانيا، لكني إلى الآن لم أحصل إلا على تذكرة من المرفق و(65) ألف ريال يمني، التي عمليا طلعت بها واستدنت فوق هذا المبلغ للمتابعة في صنعاء علني أحصل على مساعدة هناك، وبعد أن قابلت نائب وزير الإعلام أحالني إلى مدير عام مؤسسة الإذاعة الذي قال كلمتين جافتين “ما بش فلوس.. ما بش تذكرة!””.
لاتزال نكبة أختنا رضية قائمة وهي سلمت أمرها للواحد القهار، وهذه هي نهاية كل مخلص متقان قضى زهرة شبابه وكهولته دون أن يجد من يسعفه، وشتان بين وضع الرجل الكبير سعيد سنان وبين الإعلامية القديرة رضية سلطان، فالأول لم يطرق باب أحد بل جاءت الرعاية من الشيخ الرويشان نفسه وتحمل تكاليف العمليات والسفر والإقامة في حين أن الإعلامية القديرة رضية سلطان طرقت كل الأبواب وكتبت كل الصحف عن قضيتها، وانبرت كل الأقلام الشريفة في تبني قضيتها لكنها رميت في البحر.. و“إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”!.
* الأيام