وحدة الضم والإلحاق بين الجنوب والشمال في 22 مايو 90 م يتحمل (الاشتراكي) منفردا وزرها، وأقل وزرا منه (العسكر) الذين يتحملون وحدهم نتائج هزيمة الجنوب صيف 94 م، تذكير يضيق مساحة المزايدين على خيار إعطاء فرصة تهدئة للرئيس هادي للانتصار للحق الجنوبي، إذ في التهدئة فرصة ليثبت حكمه ومشروعه الانتقالي، كما تعطي التهدئة فرصة للحراك الجنوبي بأن يرص صفوفه ويستعيد زمام القيادة المختطفة.
حسابات سياسية وبعيدا عن المزايدة حتمت الذهاب للتهدئة لإيجاد تسوية عادلة ومرضية للجنوبيين، والحسابات السياسية لا تعني بأي حال من الأحوال القبول بالمطلق بمخرجات الحوار الوطني اليمني الذي لم تشارك فيه الأغلبية الجنوبية المطلقة، ولا ضير من التعاطي الإيجابي مع مخرجات الحوار للبناء عليها كمدخل للحل، وليس أساسا له كما يغرّد بعض المهرولين لصنعاء.
الإيجابية في التعاطي مع مخرجات الحوار لا تلغي بالضرورة حق الامتعاض الجنوبي من السلوك السلطوي الشمالي غير المطمئن حتى اللحظة.. امتعاض سببه غياب شواهد تصدق حسابات الثقة بالعهد الجديد على الواقع السياسي اليومي، حيث كل التشكيلات التي يتم استحداثها ما بعد انتهاء مولد (موفنبيك) صنعاء حيث غاب عنها الجنوب المدني وحضرت قوى الماضي والتكفيريون. حملة مباخر إعلام الفندم (أتاتورك) وقنواته وصحفه وأقلامه كما خدعوا سلفه من قبل يخدعونه، والجنوب ليس (كعكة) يتم محاصصتها بين اللقاء المشترك ومنتفعيه والمؤتمر الشعبي ومطبليه... محاصصة انقلبت على جعجعة (المناصفة) التي خرج بها حوار (موفنبيك) التي كانت الغائب الأكبر في لجنتي صياغة الدستور والرقابة على مخرجات الحوار، مع أهمية معرفة أن اللجنتين غلبت عليهما القوى التقليدية والتكفيريون، ولم نر الجنوب المدني فيهما إذا استثنينا مكاوي والشدادي.
لم يعد مقبولا ذلك الإصرار السلطوي الشمالي على حصر الشراكة الجنوبية في (الدواعش) السلفية والرفاق ولحقة الرئيس السابق وسبلة الجنرال.. إلخ، محاصصة مرفوضة تصطدم مع تطلعات القوى الجديدة التواقة للتغيير والتقدم تحت قيادة الرئيس هادي.
بعيدا عن التذمر، لا مكان للعجالة في الموقف السياسي الجنوبي الجمعي.. الطيش الثوري ترجل عن الوعي السياسي الحراكي المعاصر، حيث الوقت فيه من المتسع للتغني بحكمة: “أكل العنب حبة حبة” ليس تراخيا، فالكرة الآن بملعب الرئيس هادي ومدى قدرته على إحداث اختراق حقيقي في العملية السياسية المراوحة مكانها، والمتراجعة أحيانا أخرى جراء تعنت القوى التقليدية الشمالية، والمطلوب اختراق جاد يوجد ثغرة بجدار ليل احتلال صيف 94 م.. الجنوبيون بحاجة إلى عملية سياسية يلمسون فيها نورا بنهاية نفق التعاطي الإيجابي مع مخرجات الحوار الوطني اليمني.
الاعتماد على سياسة النوايا الحسنة والتواصل الفردي مع إيجابيتها يظل تأثيرها لحظيا ومحدودا.. المراهنة الآن على الانتقال من المشاريع إلى واقع التغييرات السياسية على الأرض ولصالح الناس البسطاء الطيبين والقرارات الجريئة التي تعيد الاعتبار للشراكة الجنوبية وحدها القادرة على جذب الجماهير، واستمرارية تمسكها بحكمة الرئيس هادي إلى خط النهاية، ومن قرح يقرح.
* منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن