تقسيم العراق بين خواطر ‘‘ جوزيف بايدن‘‘ سابقا .. وتحالف الطائفة بالجغرافيا حاليا .. تذكروا اتفاقية ‘‘ دايتون‘‘ دائما

2014-07-07 22:43
تقسيم العراق بين خواطر ‘‘ جوزيف بايدن‘‘ سابقا .. وتحالف الطائفة بالجغرافيا حاليا .. تذكروا اتفاقية ‘‘ دايتون‘‘ دائما
شبوة برس - متابعات

 

بتنا الآن وأكثر من أي وقت مضى، نعيش الموجة الثانيّة لتقسيم العراق، بعد أن أطلق السيناتور “جوزيف بايدن” موجته الأولى في تعريف الحل المثالي للحالة العراقيّة، فور إقرار “الكونغرس الأمريكي” خطة الفيدراليّة العام 2007 استجابةً لطلب الأكراد حين كانت المعارضة العراقيّة بصدّد التشكل النهائي، والعودة إلى العراق على ظهور الدبابات الأمريكيّة قبل الغزر الأمريكي  ..

 

الفيدراليّة في المخيال السياسي الأمريكي قائمةٌ على المحاصصة الطائفيّة، وبتوثيق النية الحسنة في أن حكومة بغداد سوف تضطلع بالمهام القياديّة، دون احتساب التهلهل الذي قد يطرأ على هذه الحكومة، أو ربما تغذيّة هذا الظن بالتمنّي الذي عزّزه دستور طائفي اعتبرته مجموعة الأزمات الدوليّة في بروكسل وقتذاك؛ وثيقة طائفيّة بامتياز..

والحال أن “تقسيم العراق” إلى ثلاث دويلات ليس وليد اللحظة، فهو معروف ومطروق، غير أن الحالة التي تطلّ بعنقها اليوم ؛ تكمن في مدى نجاح تحالف الطائفة والجغرافيا لأجل ضمان وقف العنف والقتل في العراق، وما قدّمه سيناتور بحجم “جوزيف بايدن” كان مرشحاً رئاسياً عن الحزب الديمقراطي يومذاك، لم يعد منبت الصلة عن “عراق اليوم” حيث ظفر الإقليم الكردي باستقرار نسبي قياساً بالدولتين المزمعتين “شيعيّة في الجنوب”، و”سنيّة في الغرب” وطوق بسيط مختلط في الوسط يمكن أن يؤسس لخلاف مستقبليّ أخر فيّما لوتمّ التقسيم فعلاً .. دون أن ننسى أن خطط التقسيم أصبحت حديث اليوم وبشكل ملح، بعدما كانت مجرد وثيقة أطلق عليها اسم “وثيقة كارينجا” في الخمسينيّات لا تستثني المناطق الأخرى..

..

والحق أن واقع اليوم ملتبس للغاية وليس سانحاً للتغوّل النظري على الإطلاق، ذلك أن الحالة العراقيّة قد باتت على شفير حالك الدقة وقابل للتحقق، حيث نجح المالكي في دق الأسافين بين القرار السياسي العراقي وسنّة العراق، وفي المقابل بدت عشائر الموصل من التململ والمظالم التي حملتها عاجزةٌ تماماً عن إدراك الفرق الشاسع بين خطورة الوضع الذي يتهدّد العراق كدولة ووطن، وبين صرف مظالمها في ديوان “داعش” .. فالعشائر مثل الأرياف تماماً، قابلة وبشكل ملحوظ للتعايش مع الوضع الجديد لقاء الحصول على نمط حياتي مشابه لما قبل حلول الحالة، ذاك أن العداء تاريخي وبنيويّ مع الطارئ، ممّا يفرد لها مقدرةً على التحالف مع أي جهة مقابل الاستقرار الوقتي، وقد رأينا ذلك في محافظة الرقة في سوريا حيث أصبحت “داعش” في محل المستريح أمام عشائر متصلة بهذا التحليل، مستعدةً أن تقدم الولاء مقابل الانتهاء إلى استقرار ملتبس ومغبش جداً ولو كان مؤقتاً ..

 

ولكن هل طرحنا على أنفسنا سؤال مركزي ومفصليّ، كلما كنّا بصدد الحديث عن “تقسيم العراق” يقضي بوقوعنا في مأزق آخر، هو: هل تسمح الحالة العراقيّة الاجتماعيّة حيث المصاهرة وغيرها بنجاح تحالف الطائفة مع الجغرافيا لميلاد “كانتونات” عراقيّة ترثّ العراق القديم، وهل يمكن للشعب العراقي أن يلفظ الحكومة الفاشلة في بغداد وفي نفس الوقت يطرد “داعش” من أرضه ويبلور أرضيّة سياسيّة مدنيّة تسع الجميع، وبالوسائل العصريّة ؟

..

ربما حتى هامش الأمل المطلوق على مصراعيه، لن يستطيع تحييد النّظر في المكوّن الثقافي والإنسانوي لدى المواطن العراقي، حيث نجحت السياسة ورجال الدين في تفتفت الوعي العراقي الشعبي بضرورة إدراك القيمة الوطنيّة والدستوريّة لعراق موحّد ومدني وعصري، يحتفظ فيه رجال الدين بقيمتهم الروحيّة، بعيداً عن الاستخدام السياسي .. ويُبقي  المواطن العراقي على حقه كاملاُ في متابعة السياسي ومشاركتهُ وفقاً للوسائل الدستوريّة المعمول بها في كل دول العالم ..

 

وفي ذات الوقت، على العراقيين وغيرهم من مواطنيّ الدول المتاخمة أن يعوا جيداً أن الغرب لوتدخل في أزمتهم سوف يستحضر “اتفاقيّة دايتون” العام 1995، والتي أنهت حالة العنف والإحتراب في “منطقة البلقان” وقضت بتقسيم البوسنة والهرسك ونشر قوات دوليّة .. دون أن ننسى أيضاً أن “جوزيف بايدن” هوالأقرب إلى طرح سياسي فدائي يحصد ثمار “اتفاقيّة دايتون” دون أكلاف سياسيّة، ويسنده “الكونغرس الأمريكي” الذي صوّت في تلك الأيام على الوثيقة .. ولا يصبح الحل الآن سوى عملية “دفع فيزيائي” بسيط، ينقل قرار الكونغرس من حيز الـ”غير الملزم” إلى رقعة “الملزم” بوسائل أمريكا في الضغط عن طريق وكلائها في المنطقة وما أكثرهم..

 

ضيف حمزة ضيف - كاتب جزائري

عن : رأي اليوم