اثبتت احدث الدراسات الطبية أن توجيه تيار كهربائي ضعيف للغاية — يتراوح ما بين 1 و2 ملي أمبير، يكفي لتشغيل كشاف صغير — نحو الدماغ يمكن أن يساعد في علاج بعض الحالات المَرَضِيَّة مثل الاكتئاب والألم المزمن، ويُحَسِّن الذاكرة والانتباه عند الأَصِحَّاء. ويقول القائمون على الدراسة — بجامعة نيومكسيكو التي تمولها وزارة الدفاع الأمريكية — إن أولئك الذين حصلوا على شحنة أكبر من التيار الكهربائي قد تعلموا ضِعف ما تعلمه الذين حصلوا على شحنة أقل.
وقد أظهرت تجرِبة — شارك فيها بعض الطيارين من القوات الجوية، واستخدمت فيها تقنيات تصوير المخ لتحديد أماكن المخ التي تحتاج إلى تنشيط — أن الأفراد الذين تَلَقَّوْا 2 ملي أمبير لمدة ثلاثين دقيقة تَحَسَّنَ أداؤهم في التدريبات الاختبارية بنسبة 25? عن أولئك الذين لم تُحَفَّزْ أدمغتهم بتيارات كهربائية. ويعود سبب تأثير الكهرباء الخارجية في المخ إلى أن الخلايا العصبية تتواصل بعضها مع بعض عن طريق الكهرباء والمواد الكيميائية؛ وهو الأمر الذي لم يكن معروفًا في القرن الثامن عشر، مع أن الكهرباء استُخدِمَت حينها على نطاق واسع في علاج مجموعة من العلل الجسدية والعقلية؛ إذ لم يعرِف العلماء حينها أن الجهاز العصبي البشري يُنتج شحنات كهربائية، وأن الأعصاب تتواصل عن طريق الكهرباء. ومن أوائل العلماء الذين توصلوا إلى فَهْمِ هذا: العالِمُ لويجي جلفاني، الذي أجرى معظم تجارِبه على رِجْلِ ضفدعة، والتي كانت تنتفض عضلاتُها إذا تعرضت للكهرباء. وقد نجح استخدام الكهرباء في القرن الثامن عشر في علاج بعض العلل، وفشل مع البعض الآخر بسبب ارتعاد المرضى من الجهاز المستخدم. ومنذ ذلك الحين مرَّ العلاج بالكهرباء بالكثير من المنحنيات والمنعطفات، وتعرض للكثير من النقد والمخاوف، ولكن في هذه الدراسة الجديدة يؤكد العلماء أن التيارات الكهربائية الضعيفة التي تُوَجَّهُ نحو الدماغ أكيدة المفعول مع الآلام التي لا تفلح معها العقاقير المسكنة، وذلك مثل الآلام المزمنة والآلام الناتجة عن تلف الأعصاب.