أظن أن هناك من سيتفق معي إذا ما قلت : إن التخبط لا يقتصر على السلطة المنقسمة مؤسساتها و المتصارعة أدواتها لا هداف ذاتية او حزبية تحت ضغط عقلية التسلط .. و الفرق كبير بين السلطة و التسلط !؟
المتابع و المدقق في كل ما يجرى يدرك أن السلطة و المعارضة تعيش حالة خوف داخلي .. مسيطر على أذهانها خشية فقدانها امتيازاتها وحياتها المرفهة ـ الفندقية او الوزارية ، الكل متشبث بمواقعه و يراهن على المزيد من التازيم و الخلافات وفي تقديره أن لا حلول ولا خروج للشعب من ضنك العيش و عدم الاستقرار إلا بسلطته او حتى المشاركة في التسلط .. دون ذلك عليه أن يعيش في الساحات يصفق لهذا و يندد بالأخر .. حلقه مفرغة تتواصل مع مجموعة من الحلقات و المخيبات المتتالية والسقطات المتعددة تقودهم إليها عقليات الوصاية و مشاعر العظمة التي تصور لهم أنهم فوق المجتمع وبدونهم لا مستقبل ولا حياة له إلا في طوابير المشجعين في الساحات او على طريق الموت بالإمراض او الجوع او رصاص ودراجات القاعدة .. أي قاعدة !!
□ قبل أيام ذهب عدد من الرموز السياسية المعارضة اليوم و تلك المعارضة ـ المدعية بأحقيتها منذ نصف قرن و بقدرتها على تصويب الانحرافات التي أدت بناء الي ما نحن فيه من فراغ و مزايدات عدمية لم تزد هذا الفراغ إلا مزيدا من الفراغ !!؟ والدفع بناء الحلقات متواصلة منه .
ذهب هؤلاء الي عمان في الأردن .. جماعات و وحدان تلبية لدعوة للمشاركة في ندوة نظمها المعهد الوطني الديمقراطي ـ الأمريكي (( دعيت إليها مجاملة عن طريق احدهم )) وجرى حديث معه حول الدعوة و نوعية المشاركون فيها .. لم امتنع رفضا لها كورشة عمل يستطلع الأمريكان من خلالها العقلية السياسية المعارضة باسم الجنوب و حراكه الذي يدعي كل منهم وصلا به وقيادة له .. ولكن منعتني ظروفي الخاصة من جهة ومن جهة أخرى معرفتي بمعظم تلك القيادات المنصبة نفسها وصية وممثلة لإرادة شعب في جنوب اليمن او الجنوب العربي كما يطالب به البعض ممن شاركوا في تلك الورشة .. وبحسب تصريح احدهم على تويتر " قبل ندوة عمان كنت مؤمن بأن الدولة الجنوبية الجديدة قادمة .. أما بعد الندوة فقد أصبحت على يقين من تحقيق ذلك !! " هذا الكلام العجيب هل هو تبرير أم استجدى أم استخفاف بعقول الناس ؟!
□□ دون شك هناك من سيعجبه هذا " الكلام !!" ولن يتساءل عن ما جرى في عمان.. العاصمة الأردنية التي جرت فيها عملية توقيع "وثيقة العهد و الاتفاق" التي سبقت حرب 1994 والتي أعلنت خلالها استعادة "جمهورية اليمن الديمقراطية " ليخرج قادتها الي صفوف المعارضة ويتشاركون الندوات و ورش العمل مع من سبقهم حاملين معهم خلافاتهم و صراعاتهم لا وحدتهم .. ومعها حساسية موقفهم من " حضرموت !؟" ورفضهم لمخرجات الحوار ومنها إقامة دولة اتحادية من ستة أقاليم .
هذا الرفض .. الذي تجلى بوضوح في ندوة "عمان " الأمريكية ،هو لا يختلف عن رفض تلك القوي المشاركة في السلطة للمشروع الاتحادي.. و خلف كل ذلك ذهنية تسلطية في المعارضة و أخرى معيقة في الحكومة ، وإذا ما تعمقنا في كل هذه السقطات الإعلامية لكل إطراف هذه الأزمة سنجد أن الاستخفاف بالمجتمع و استجدى الأمريكان و الانجليز و الألمان لا يحقق لنا غير المزيد من كشف الأوراق و القصور السياسي لهذه القيادات التي لا تمتلك أي تصورات للخروج من دوامات الأزمات بقدر حرصها على ذاتيتها من خلال خلق حالة من الخلافات و التعرجات الحادة المفضية الي فراغ .. وهذا ما سيتوصل إليه المجتمع الدولي من خلال ورش عمل لقيادات عمرها الافتراضي منتهي .. تعيش على أوهام الجدارة و سياسة المزايدات و بعقلية الأنا في السلطة و المعارضة .. في الوقت الذي تتكاثف فيه التدخلات الخارجية و عمليات العنف .. وتتآكل خلاله الطبقة الوسطى لتستجدي قوت يومها من خلال ميادين الاحتجاجات .. و ترديد الشعارات !؟
□□□ أليس في هذا التخبط دليل كافي على إن هذه القوي ليس لديها مشاريع لإقامة دولة قادرة على توفير الأمن و الاستقرار و إن كانت تدرك أن حضورها ووجودها في الحكم او الفنادق مرهون بمزايداتها و شعاراتها في الوقت الذي تعيش حالة من الخوف المركب للمحافظة على الذات .. وهنا تكمن المصيبة و برعاية أمريكية لتوليد المزيد من الأوهام .. فأين حضرموت يا دعاة الجنوب من ذلك ؟!