مساء أمس الأول الأربعاء أطلق جنود قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي – سابقا) المرابطون في نقطة عسكرية مستحدثة بمنطقة خلف شرق مدينة المكلا، رصاص أسلحتهم باتجاه مواطنين اثنين من أبناء المنطقة كانا يستقلان دراجة نارية،فأرديا أحدهما قتيلا وأصابا الآخر بجراح ..
هكذا بدم بارد ارتكب هؤلاء الجنود جريمة مشهودة راح ضحيتها المواطن أحمد صالح بازنبيل وأصيب جراءها المواطن بامقنع .. وبكل صفاقة غادر الجنود القتلة حاجزهم العسكري قافلين إلى ثكناتهم دون أن يتجرأ أحد من وكلاء قوى الاحتلال في حضرموت على مساءلتهم بل حتى معاتبتهم ،بينما أودعت جثة الشاب الشهيد ثلاجة الموتى بمستشفى ابن سيناء حيث يرقد زميله المصاب لتلقي العلاج ..
لم تمض غير ساعات معدودة على تلك الواقعة الاجرامية،فإذا برتل من مدرعات قوات الاحتلال تقتحم مدينة المكلا وتنهال على المدينة برصاص أسلحتها الخفيفة والمتوسطة ما ألحق أضرارا بعدد من منازل حي الشهيد خالد وعدد من المحلات التجارية التي عاث فيها (الأشاوس) نهبا فضلا عن تحطيم عدد من الدراجات النارية وإصابة عدد من سيارات المواطنين بالأعيرة النارية، وما إثاره ذلك كله من رعب في أوساط أطفال المكلا ونسائها .
تلك أحدث المشاهد في سلسلة الإعتداءات الغاشمة التي تقوم بها قوات الاحتلال اليمني بكل غطرسة وصلف مستهدفة أبناء حضرموت ومدنهم وبلداتهم وممتلكاتهم ..وهي وقائع تأتي بعد أيام من الحملة العسكرية التي شنتها تلك القوات ضد شباب ديس المكلا والتي استخدمت خلالها دباباتها ومدرعاتها بل وطائراتها المروحية،لقهر أبناء حضرموت في عاصمتهم ولكسر ارادتهم والإمعان في اخضاعهم .
في غمرة هذه الروح العدوانية المتأصلة لدى قوى الاحتلال تجاه حضرموت خاصة والجنوب عموما، وفي ظل هذا التصعيد الخطير الذي تصبح معه دماء الحضارمة والجنوبيين مهدورة مباحة لقوات الجيش والأمن اليمنية،على نحو يلقى معه من يصيب نصيبا منها التكريم والترقية والتبجيل، في ظل ذلك كله نعتقد جازمين أن سلطات الاحتلال الباغية تغالط ذاتها عندما تعتقد بأن حديدها ونارها كفيلان باخماد هبة هذا الشعب وثورته السلمية التحررية،وفرض ما تروج له من مشاريع هزيلة وخاسرة،ذلك أنها أمام شعب عظيم لا يزيده القهر والبغي والعدوان إلا ثورة وثباتا وإصرارا على انتزاع خلاصه من ربقة الاحتلال وتحرير وطنه وتحقيق استقلاله الناجز والانتصار لهويته وبناء دولته الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة، لكن ما يؤلمنا هو أن يظل بعض اخواننا الحضارمة والجنوبيين في غيهم وضلالتهم يعمهون، حيث يواصلون تقديم خدماتهم لقوى الاحتلال اليمني وتقديم أنفسهم وكلاء معتمدين لتلك القوى المحتلة والباغية والناهبة لوطنهم ولأهلهم، بل ويرتضون لأنفسهم القيام بأدوار تروم تلك القوى المحتلة من خلالها كسر إرادة شعبهم الثائر وتصفية قضيته العادلة وفرض مشاريع تأبيد الاحتلال وطمس الهوية التي أعلن شعبهم بكل إباء وشموخ رفضها جملة وتفصيلا .
أشفق على هؤلاء الأخوة الذين تأخذهم العزة بالاثم ويمضون في أداء مهمة التبشير بـ(جنة) الأقاليم التي وعدتهم بها قوى الاحتلال اليمني، فلا يجدون من أهلهم إلا رفضا حازما وصدودا قاطعا ..
أشفق عليهم وهم يحاولون استدعاء مآسي النظام الشمولي الذي حكم الجنوب قبل عام 1990م،واتخاذها (فزاعة) لترهيب أهلهم بمزاعم أن الفكاك من الاحتلال اليمني لن يفضي إلا إلى العودة بهم إلى مجاهل "السحل" و"البطش" و"التأميمات" و"العنف الثوري" و"النزق الماركسي"و"دوامات الصراع والعنف"،فيخيب مسعاهم ولا يجدون إلا ردا قاطعا مانعا مفاده: ( أننا ننشد جنوبا فيدراليا جديدا معتزا بهويته الجنوبية العربية،متمسكا بقيم مدرسته الإسلامية الوسطية المعتدلة ،يحفظ لكل محافظة ومنطقة خصوصياتها وحقوقها وشراكتها في السلطة والثروة ، لا يداخله إقصاء أو إلغاء أو تهميش، تزدهر في رحابه مقومات النظام الديمقراطي التعددي الكافل للحقوق وللحريات والناصر للعدالة والمساواة والكابح للتطرف وللصراعات، وتلك ليست أمنيات بل أهداف يجمع عليها الجنوبيون بمختلف قواهم الثورية،ولن يسمحوا لأي قوة أن تلتف عليها أو تفرغها من مضامينها،ولن يسمحوا أيضا لأي طامح أو طامع أن يتقهقر بهم لاعادة انتاج تجربة دموية لم ترثهم غير الكوارث والنكبات، فشعبنا قد وعى الدرس واستخلص العبر وعرف طريق ازدهاره وعزته وفلاحه) ..
نعم، شفقتي تتضاعف عليهم عندما تمارس قوات الاحتلال بغيها جهارا نهارا على أهلهم فتقصف بمروحياتها ودباباتها أحياء مدنهم الآهلة بالمواطنين، أو عندما توجه رصاص أسلحتها في الحواجز العسكرية لصدور اخوانهم المسالمين فتقتلهم بدم بارد وبكل فجور، إذ يتعرون أمام أقرب أقربائهم وتفتضح حقيقة أنهم مجرد أدوات للاحتلال ووكلاء لقواه الباغية،وأن ما يتباهون به من مناصب قيادية تنفيذية أو تشريعية أوحزبية في حكومة الاحتلال وأحزابها، منزوعة السلطات والصلاحيات، لا يستطيعون معها توقيف جندي يمني قاتل أو ناهب،بل أنهم لا يقوون على مجرد إدانة الجرم المشهود..
لن نفقد الأمل في إمكانية أن يثور أمثال هؤلاء من اخواننا الضالين المضللين على أنفسهم وأن يتحرروا مما هم فيه لينضموا لمسيرة شعبهم،وليكونوا فرسانا في ميادين ثورة شعبهم الجنوبي السلمية التحررية،للتعجيل بفجر الخلاص من دنس الاحتلال اليمني وانتزاع حرية الجنوب واستقلاله والانتصار لهويته الجنوبية العربية وبناء دولته الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة،ونعتقد جازمين أن الكثيرين من أمثال هؤلاء لن يمكثوا طويلا في ما هم فيه،وسيدركون عاجلا أو آجلا أن مكانهم الطبيعي المشرف هو كامن بين صفوف ثوار شعبهم، ذلك أن احتلالا بمواصفات المحتلين اليمنيين للجنوب كفيله ممارساته الوحشية برد عقل كل من ضل السبيل أو أخذته العزة بالاثم من الجنوبيين .. لكن ما نتمناه ممن لا يزال مرتهنا لقوى الاحتلال هو أن لا يتحول إلى خنجر مسموم تستخدمه تلك القوى للنيل من الجنوب شعبا وقضية وثورة، وأن لا تورطه في جرائمها بحق أهله، وأن لا توظفه لتزوير إرادة شعبه،وتمرير مشاريعها ومؤامراتها الهادفة تصفية قضية وطنه،فمن يتمادى من هؤلاء في ذلك كله أو بعضه سيقطع بيديه ممرات الرجوع لأحضان شعبه ولات ساعة مندم .
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..