( تزامنا مع ذكرى إعلان صنعاء الحرب على دولة وشعب الجنوب – ج ي د ش – في 27 ابريل 94م ، أهدي مقالي هذا لشعب الجنوب المناضل ، وفي الذكرى الــ20 لتلك الحرب التي خطط لها الموساد الصهيوني ، ومولها العرب ونفذتها الجمهورية العربية اليمنية ، فقتلت الوحدة اليمنية ، التي حلم بها الشعبين الجنوبي واليمني زمناً ، ووأدت نواة الوحدة العربية الى الأبد ، والتي جنت اسرائيل مردودها بالكامل الى جانب العربية اليمنية وشركات النفط الناهبة) .
وبداية أقول ان مقارنة اي كيان او دولة عربية مع الكيان الإسرائيلي ، ليس بالضرورة ان يعد تجني على تلك الدولة ، لان الكيان الإسرائيلي لم يعد ذلك الكيان المرفوض ، حيث باتت دولاً عربية عديدة تقيم معه علاقات وطيدة منها ما هو معلن ومنها لا يزال سراً .
المهم .. لقد اخترنا المقارنة بين الكيان اليمني والكيان الاسرائيلي ، للتدليل على وقائع مهمة ، فتلك المقارنة تتجسد باسلوب الكيانين في الاستعمار والممارسات ، حيث تشكل تقارب قوي ومتشابه الى أبعد الحدود من حيث الصورة والشكل والتفاصيل والسياسات .
إن التشابه بين الكيانين الاسرائيلي ممثلاً بتل أبيب واليمني ممثلاً بصنعاء يبدأ من احتلال الاول لدولة فلسطين العربية ، واحتلال الثاني لدولة الجنوب " ج ي د ش " ، ولا غرابة ان دعا بعض ساسة صنعاء ونشطاؤها السياسيين الى فتح سفارة لاسرائيل في صنعاء والعكس .
ومن اوجه ذلك التشابه الاتي :
الاستيطان :
في تقارب لا يدل على انه من صدف الزمان ، او تشابه الاحداث ، يظهر الأمر جلياً في السياسات والاساليب واتباع نفس النهج .. فحيث اسرائيل تعمل على سياسىة الاستطيان منذ الوهلة الاولى في فلسطين وتنهب الاراضي وتبسط عليها وتشتري من فقراء فلسطين ما تبقى منها ، اتبعت صنعاء هذه السياسية بدعوة من ساستها وحاخاماتها بالاستطيان في الجنوب وتغيير ديموجرافية الشعب الجنوبي فبسط المشائخ والقادة وحتى التجار اليمنيين على أراضي الجنوب واشتروا بقية تلك الاراضي من فقراء الشعب الجنوبي .
الخداع ونقض العهود :
مثلما دأبت اسرائيل على الخداع والمراوغة واتباع القاعدة " قولوا ما تشاءوا وسنفعل ما نريد " ، ومثلما نقضت العهود والاتفاقيات مع الفلسطيننين ، حدث ان فعلتها صنعاء مع الجنوبيين مرات عديدة ، فنقضت اتفاقيات قبل الوحدة ، وبعدها اتفاقيات الوحدة ، ومن ثم العهد والاتفاق ، ومن ثم دواليك من الاتفاقيات التي عقدت باشكال منفردة بعد الاحتلال عام94م ،فضلاً عن اسلوب المراوغة والخداع الذي لم تعرف صنعاء بغيره طوال عهد استعمارها في الجنوب .
تعميم عملتي اسرائيل واليمن على فلسطين والجنوب :
لان الاقتصاد يشكل اهم ركيزة في بناء الدول ، وكذلك في بناء الاستعمار للدول ، قامت اسرائيل منذ وهلتها الاولى على السيطرة على مفاصل الاقتصاد الفلسطيني ، وجردتها من كل شيء ، وعممت عملتها " الشيكل " على كل فلسطين ، حتى افرغتها تماماً من اي تحرك اقتصادي او استقلال مالي حتى وان كان محدوداً .
وكذلك فعلت اليمن مع دولة الجنوب ، فمنذ اول وهلة من انقلابها على اتفاقيات الوحدة اليمنية ، قامت صنعاء بتعميم عملتها " الريال " محل عملة دولة الجنوب " الدينار " وسيطرت على كل مفاصل الاقتصاد الجنوبي والمؤسسات المالية والمصرفية ، وذلك لكي تحكم سيطرتها على الاقتصاد ، حيث تمكنت من افراغ الجنوب من اي اقتصاديات او مؤسسات ، وذلك في بنفس الاسلوب الذي تعاملت به اسرائيل مع فلسطين المحتلة .
تقسيم فلسطين والجنوب الى قطاعين :
هناك حقيقة غابت عن الكثير ، وربما من ينتقدوننا على مقالنا هذا ، وهي تقسيم فلسطين المحتلة والجنوب المحتل الى قطاعين .. ففي حين قسم الكيان الاسرائيلي فلسطين الى قطاعين أحدهما " غزة " والآخر " الضفة الغربية " ، في اسلوب حقير يدل على سياسة فرق تسد ، وهي سياسة استعمارية عتيقة ، قامت صنعاء مؤخراً وتحت لافتتة حوارها المزعوم ، بتقسيم الجنوب المحتل الى قطاعين قالت ان احدهما " حضرموت " وأن الاخر " عدن " ، وفي هذا لم يعد من مجال على التأكيد قطعيا بان صنعاء تستمد سياساتها من الكيان الاسرائيلي الصهيوني .
سياسة الدم القمع :
في سياسة القمع ، تتشابه ممارسات الكيانين الاسرائيلي واليمن ، الى ابعد الحدود ، وحتى اسلوب القمع للمسيرات السلمية الاحتجاجية ، تتشابة تماماً ، اضافة الى تنفيذ الاعتقالات التي تطال الاطفال والنساء ، ومداهمة المنازل في منتصف الليل .
وعن القتل يجدر بنا التأكيد ان سياسة الدم والترويع والترهيب بالموت ، هي سياسة اسرائيلية استحدثتها اسرائيل في فلسطين بمجازرها التي هزت ارجاء الكون والانسانية ، واليوم ، تتبع صنعاء هذه السياسة بقوة ، وتطبقها بحذافيرها في الجنوب المحتل ، وضد كل جنوبي كبيراً كان او شاباً طفلاً او امرإة .
النزغ لخرافة شعب الله المختار :
مثلما تقول اسرائيل ، وحاخاماتها ، انهم شعب الله المختار ، وان الامميون البقية جعلهم الله خدما من اجل تحقيق رغبات اسرائيل " اليهود " ، نرى صنعاء تنحو صوب هذه الخرافة ، وتطبيق ساسة صنعاء لكلمات العبارة المشهورة " انا ومن بعدي الطوفان " وقعاً كبيرا ، واثرا خطيراً ، اذ لا ترى صنعاء وقواها السياسة أن هناك من يستحق ان يتسيد غيرهم ، وان الجنوب شعبا وجد لخدمة وتحقيق رغبات صنعاء .
يظهر ذلك جلياً ، في كل السياسات والممارسات التي تتبعها صنعاء في الجنوب ، ولا ينكر ذلك إلا جاحد واعمى البصر والبصيرة .
خاتمة :
كل ما ورد اعلاه ، من قرائن ودلائل واقعية نشاهدها يوميا ، هي مجرد قليل جداً من اوجه التشابه بين الكيانين الاسرائيلي المحتل لدولة فلسطين ، والكيان اليمني المحتل لدولة الجنوب " ج ي د ش " ، ولا يزال هناك الكثير من تشابه الممارسات ، والسياسات ، والنهج ، ولهذا اخترنا تلك الاوجه المذكورة انفاً ، للتدليل فقط ولتأكيد حقيقة ربما غفل عنها الكثيرين ، وهي ارتباط كيانات عربية ، بالكيان الاسرئيلي ، ليس ارتباطا بما يفهمه القارئ ، بقدر ما هو ارتباط مخابراتي يديره ويحركه ويوجه " الموساد " وهو جهاز المخابرات الاسرائيلية ، الذي تعهد بتدمير العرب وضربهم في الأعماق ، وليس احتلال دولة الجنوب " ج ي د ش " الا صناعة اسرائيلية وتخطيط موسادي ، وتنفيذ يمني مسنود ببعض العرب ، من اجل تدمير جيش دولة الجنوب الذي كانت ترهبه اسرائيل مستقبلاً ، وهاهو ما يحدث اليوم من تدمير للجيش السوري ، ومحاولات تدمير الجيش المصري إلا صناعة اسرائيلية موسادية بأيدي عربية وللأسف الشديد ، أنها ايادي تدعي صلتها بالاسلام وبالمشاريع الاسلامية .