تقول حكاية قديمة إن امرأة قامت باختطاف طفل مدعية انه ابنها ، فذهبت أمه الحقيقية إلى القاضي باكية وهي تشكو المرأة التي سرقت منها طفلها، لم يكن أمام القاضي الحكيم إلا أن يستدعي المرأتين إلى مجلسه لكي يتأكد من صحة ادعاء المرأة الشاكية.
جلس القاضي يستمع إلى المرأتين وكانتا تبكيان وكل منهما تدعي أن الطفل طفلها، وبعد ان تملكته الحيرة لبعض الوقت اهتدى إلى فكرة ...ذكية تجعله على يقين من هي الأم الحقيقية ومن الأم المدعية كذبا، حيث قال للمرأتين :طالما لم تستطع إحداكن إثبات أمومتها للطفل فقد قررت إن أقوم بشطر الطفل إلى نصفين فتأخذ واحدة منكن نصفا، فصعقت الأم الحقيقية وهي تتوسل إلى القاضي إن يحافظ على الطفل حيا حتى لو كلفها الأمر أن تتنازل عنه لخصمتها ، فيما كانت المرأة الأخرى تبتسم قائلة للقاضي قبلت.
تيقن القاضي إن الأم الحقيقية هي تلك التي رفضت قتله وتقطيع جسده إلى نصفين وإن المرأة التي قبلت بالحكم ليست أكثر من امرأة نصابة ولا يهمها أمر الطفل فأمر بعودة الطفل إلى أمه.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أتابع ابتهاج قوى النفوذ والهيمنة في صنعاء بقرار مجلس الأمن الدولي الأخير خاصة ما يتعلق منه بالِشأن الجنوبي إذ رأيت فيهم وهم يهللون لوضعهم والجنوب معهم تحت الوصاية الدولية شبها كبيرا بالمرأة النصابة التي قبلت قتل الطفل وقسمته إلى نصفين على أن يعود إلى أمه الحقيقية فلو أنهم كانوا يشعرون بأن هذا البلد بلدهم ماقبلوا رهنه للوصاية الدولية.
ورأيت فيهم ما يشبه المرأة النصابة من حيث أنه وبدلا من إن تستمع هذه القوى إلى خطاب العقل والإنصاف وتسلم للجنوبيين بحقهم في إدارة شئونهم فضلت هذه القوى قبول قرار دولي انتحاري تذهب بفعله الجنوب ومعها الشمال إلى رهن سيادتها وقرارها إلى استعمار دولي سيذيق الجميع مر العذاب والمهانة ،وتذكرت ابتسامة المرأة النصابة عندما تابعت احتفالهم بالموقف الدولي غير المستوعب حتى اللحظة لعدالة ومشروعية القضية الجنوبية ،فإنهم ولجهلهم وربما لأن هذه هي آخر أوراق اللعبة التي بأيديهم لا يعلمون إن الجنوب مثلها مثل الشمال ستخرج عن سيطرتهم المطلقة ووصايتهم إلى وصاية وسيطرة دولية،ولعل الجنوبيون ان تمكنوا من إدارة اللعبة مع المجتمع الدولي بشكل سليم فإن هذا القرار قد يكون هو المخلص والمنقذ من هيمنة وسطوة الشمال ولربما نالوا ما يرمون إليه بمباركة دولية دون أن تتجرأ تلك القوى على مجرد الاعتراض وقد يعود الجنوب إلى أهله ،كما عاد الطفل المسروق إلى أمه دون أن تتجرأ المرأة السارقة على النطق بكلمة اعتراض واحدة.