الجنادرية ... إسلام أهل الخليج مسالم بلا سياسة

2014-02-20 07:45
الجنادرية ... إسلام أهل الخليج مسالم بلا سياسة
شبوة برس - متابعات الرياض

 

الرياض- في ندوة حيوية من ندوات مهرجان الجنادرية طرحت عدة آراء في الإسلام السياسي، وفي كل واحدة منها تثار مسألة التسمية، فقد حاول البعض لزقها بلغرب من أجل تغريب الآراء المعترضة على الحركات الإسلامية، وبالتالي تثبيت شرعيتها، إلا أن الاتجاه العام في الندوات أكد أن التسمية جاءت اسم على مسمى، وطرح أنها من لدن الشيخ محمد رشيد رضا، صاحب مجلة "المنار".

 

كان هناك مرونة غير معهودة في الندوات، ربما يصعب طرحها من قبل، فأحد الحاضرين وصف العلمانية والعلمانيين بحزب الشيطان، إلا أن مساحة الحرية سمحت لأحد المحاضرين بالرد الصريح بأن العلمانية العكس للإسلام السياسة لا الإسلام الدين، وأن التسمية ليست غربية إنما مفردة "عَلما" هي مفردة آرامية ومن قلب الشرق، ومعناها الدنيا، فتعريفها يكون إدارة الدنيا، وأن هناك علماء دين يمكن وصفهم بالعلمانيين ذلك إذا علمنا أنهم لا يعملون وفي السياسة، من جهة، ولا يؤيدون بل يعترضون على تشكيل أحزاب ومنظمات باسم الدين.

 

في ندوة أخرى طرح الأكاديمي القطري وعميد كلية الشريعة السابق عبد الحميد الأنصاري مسألة غرابة الإسلام السياسي على أهل الخليج عامةً، وذلك أنه إسلام تقليدي متناغم مع الحكم ومسالم، وظل هذا النمط من التدين حصناً منيعاً للخليجيين من الحركات والمنظمات الإسلامية الدينية ومن المنظمات اليسارية والقومية، والحراك الحزبي بشكل عام. لكن بعد دخول الإسلام السياسي وأقطابه إلى الخليج، كمدرسين أو عاملين أو لاجئين مدوا سيطرتهم على المؤسسات المالية والتربية والتعليم، فصار لديهم المال عن طريق الجمعيات الخيرية وصارت لهم الهيمنة عن طريق التعليم، وهذا ما يمكن توصيفه بجزاء سنمار، فبعد أن فتحت لهم القلوب والبلدان عاثوا سياسة وحزبية فيها، وشكلوا تنظيماتهم التابعة للمرشد بمصر، ومنها المحلية المتأثرة بالإخوان، كما هي السرورية وما عُرف بالصحوات.

 

فما الذي حصل من هذه التجربة المريرة؟ لقد اختلفت مسارات بدايات الإخوان المسلمين عن نهاياتها، فقد كان نشاطهم في البداية كتدريس في التربية والتعليم وكان عملاً مثمراً، وذلك لسد النقص الذي كانت تعانيه بلدان الخليج من المتعلمين، لكن الأمر انتهى إلى ظهور خلايا تنظيمية، حتى شعرت هذه الدول بالخطورة، فكان الصدام الأمر المعلن بتصريح للأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي السابق عندما قال، بعد حرب الخليج الثانية بسنوات: "الإخوان أصل البلاء". بعدها انتهى الأمر في دولة الإمارات المتحدة إلى المحاكمات بعد كشف خلايا تنظيمية تُهدد أمن البلاد واستقرارها.أما في قطر فقد حصلوا على نوع من الدعم، ولكن لإخوان الخارج وليس الداخل، فقد حل الإخوان تنظيم هناك.

 

كذلك طرح الأنصاري مفهوم المواطنة عند الإسلاميين، فهم يؤمنون بآيديولوجية أممية، حيث ينتشر الإسلام، وهذا يشاكهم فيه اليسار والقوميون، وحتى المسلم المتدين يأخذ الإسلام بإطاره الأممي لكن خارج أممية السياسة. إلا أن هذا المفهوم يرسخ النظام الاجتماعي القائم على تجاوز الوطن، وبالتالي الاستقواء بالأجنبي وذلك يعتمد على التجاذب في الانتماء، وبالجملة أن فكرة الإسلام السياسي فكرة استحواذية، ومؤسس المملكة العربية السعودية إذا صح ما نُقل عنه: "الدين طير حر من صاده يقنص به"، أي صقر لصيد السلطة.

 

من جانبه طرح الشيخ بدر العامري أن ما تطرحه الحركات الإسلامية فيه نوع من الضبابية لمفهوم المواطنة، تخوض في مفاهيم قديمة. وتتشكل وتطرح خارج إطار التاريخ، وهناك حساسية مفرطة من المنتج الفكري الغربي، لأن الغرب انتج مفاهيم جديدة كحقوق الإنسان والديمقراطية. بينما حركات الإسلام السياسي تطرح ما يمكن تسميته بالدولة المتخيلة الجامعة، فالأفكار مثل الحاكمية ومفاهيم الدولة الدينية هي في الذهن وليس في خارجه، لأنها عصية على التطبيق والتحقيق على أرض الواقع، فهم يردونها على مثال دولة الخلافة القائمة على الشرع، لكن هل هذه الدولة هي النموذج الذي يسعى إليه الإنسان؟ أم أنها مجرد فكرة تقفز على الواقع؟

 

لقد نشأت الحركة الإسلامية السياسية ضد مسار التاريخ، تحاول معاكسته لا التجاذب معه، عندما تطلب الدولة التقليدية خارج إطار العصر، ولم تبقى هذه الحركات بإطارها المسالم إنما نقلها سيد قطب إلى حركات ثورية تعلن الجهاد والتكفير، وجاهلية المجتمع. انتهت الندوة بنقاشات حيوية، طرح فيها الإسلاميون السابقون، أو الحاليون الذين يحاولون إعلان المهادنة، حسب الظروف التي تعشها هذه الحركات في البلدان العربية، تشكيكات في تسمية الإسلام السياسي، وفي إبعاد السياسة عن الدين، لكنهم حصروها بحديث عام يفهم منه أن الإسلام دين ودولة.

* ميدل ايست اونلاين