فك الارتباط : تصحيح الخطأ التاريخي
حسين لقور بن عيدان
منذ استقلال الجنوب عام 1967م من الاستعمار البريطاني فرضت على الجنوبيين هوية اليمن وقد نام ليلتها معظم الجنوبيين وهم لا يعلمون انهم في اليوم التالي سيصبحون بهوية أخرى وأنهم مجرد فرع لدولة مجاورة كما جرى العمل من قبل من تبنوا هذه الهوية الجديدة على ترسيخ هذا التوجه و طمس كل ما يتعارض مع يمننة الجنوب وتحوير كل شئ في الثقافة والتاريخ لينسجم مع هذه السياسة المفروضة على الجنوب .
لكن هذا لم ينطلي على كثيرين ولم يمنع هذا ان يحتفظ كذلك الكثير من ابناء الجنوب بهويتهم التاريخية والثقافية بل وحتى وثائق سفرهم وكأنهم يعلمون ان فرض هذه السياسية مآلها الى الفشل ولابد ان يأتي يوم وويرفضها ابناء الجنوب .
مع هذا فقد رحب كثير من ابناء الجنوب بكل ما يوصل جسور التفاهم في هذه الامة وهم العرب الذي حملوا راية العروبة حتى في ظل وجود المستعمر وحافظوا على عروبة الجنوب ودافعوا عن قضايا امتهم فكم من اضرابات شلت النشاط التجاري في عدن تضامنا مع قضايا امتهم في فلسطين ومصر والجزائر .
لذلك عملوا على تعميق فكرة توحيد الامة وذهبوا مخلصين لها ولم يكن يدر في خلد اكثر المتشائمين ان الجنوب سوف يستباح ويشرد ابناؤه ويصبح اقطاعيات للأسر النافذة في صنعاء حتى اصبح التهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي هو من نصيب الجنوب وأصبحت مفاصل الدولة الجديدة من نصيب اولاد المشايخ والقادة العسكريين المعتقين من ايام الامامة وتم تشريد وتسريح جيش كامل وموظفي دولة وتحولت ممتلكات شعب في الجنوب العامة والخاصة الى ملكية لإفراد من طبقة الحكام في صنعاء بعد ان تم بعناية اختيار عدد من الموظفين الجنوبيين في بعض الوظائف منزوعة الصلاحيات لمحاولة ذر الرماد في العيون ليس إلاّ .
لم يستكن الجنوبيون لهذا الامر ولا لسياسة الغلبة والغدر التي مارسها حكام صنعاء فظهرت مباشرة مع سكوت مدافع عدوان 1994م بدايات مظاهر الرفض والمقاومة لهذا التهميش وتشكلت حركات سياسية معارضة جنوبية وظهر تأثيرها من خلال رفض انتخابات 97م التي شرعنت لعدوان 94م التي تم مقاطعها بشكل واضح ولم تصل نسب المشاركين في تلك المهزلة الانتخابية في الجنوب حتى الى ما نسبته 27% ممن يحق لهم التصويت , رغم ما وزع من اموال وتزوير للاسماء وصلت حد مشاركة جنوبيين اموات , وتم كذلك نقل للمعسكرات الوافدة من مناطق الحكام كي يشاركوا في عمليات تصويت جماعي موجه والتصويت في اكثر من دائرة انتخابية , وجاءت بعدها بداية التظاهرات في حضرموت والتي نادت في بداياتها بتصحيح مسار الوحدة وإعادة بناء الدولة على اسس من المساواة وضمان حق الجميع في خيرات البلد غير ان نشوة الانتصار اعمت حكام صنعاء وجعلتهم يتمادون في غيهم ووصل بهم الامر الى انكار هوية الجنوبيين العربية واعتبارهم مجرد بقايا مهاجرين من الهند وشرق افريقيا ولم يخجل حتى رئيسهم يومها في وصم احد قادة الجنوب بأنه افريقي كل هذا والجنوبيون في غالبيتهم يعضون اصابع الندم على ما اقدموا عليه من وحدة مع شعب وحكام لم يحسنوا حتى التعامل مع منهم يقعون تحت هيمنتهم لمئات السنين في تهامة والمناطق السفلى من البلد .
لقد كان خذلان القوى الحزبية في صنعاء ومن يدعون انهم قوى وطنية منذ بداية الوحدة لاطروحات الجنوبيين في مشروع بناء دولة مدنية واضح جدا ولم يكتفوا بالخذلان بل تحالفوا مع اكثر قوى المجتمع تخلفا وعداوة وعملوا على هدم الدولة المدنية التي عرفها الجنوب دولة القانون وعاثوا فسادا وتآمرا على كل ما يمت للجنوب بصلة حتى المضطهدين منهم لم يروا في الجنوب الآ مايراه مضطديهم اي ارض وثروة فقط كما فعل اليهود عندما اشاعوا فكرة أن فلسطين ارض بلا شعب .
اليوم بعد ان صمد الحراك الجنوبي امام كل موجات العنف و سقوط الشهداء وآلاف الجرحى والمسجونين منذ 2007م ورغم كل التهديدات ومحاولات الإستقواء بقوى خارجية لفرض حكم صنعاء على الجنوب , يعلم الجميع ان الجنوبيين لن يقبلوا بأقل من تقرير مستقبلهم بانفسهم وذلك من اجل تصحيح الخطأ التاريخي الذي اوقعتهم فيه قيادات الاشتراكي بالدخول في وحدة في الوقت الخطأ والزمن الخطأ والاسلوب الخطأ هذا يضع الحكام في صنعاء على مفترق طرق مفصلية في تاريخ الشعبين فأمّا أن يتم التأسيس لعلاقات اخوية بين الشعبين وذلك من خلال احترام ارادة الجنوبيين مع صعود الارادة القوية في فك الارتباط بين الدولتين او فرض حلول لا يرضاها الجنوبيين وبالتالي سيؤسس لصراعات لا يعلم مداها الا الله .