كانت الأمور على ما يرام الى ما قبل ثلاثة أشهر تقريباً, حصل تحول داخل مؤتمر الحوار عندما بدأنا نصل الى القضايا الحساسة, الجنوبية, الأقاليم, المرحلة التأسيسية الضامنة.
اليات اتخاذ القرار القانونية وفقاً للنظام الداخلي لمؤتمر الحوار لم تمكنهم من الوصول الى النهاية التي يسعون اليها, الرئيس مضغوط من المجتمع الدولي ومن الشارع لكي ينتهي الحوار, تدهور الملف الأمني والاقتصادي الى الخط الذي جعل البلد قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الأمني الكامل والافلاس الاقتصادي.
هرب الجميع من مواجهة الحقيقة التي تكمن في فشل حكومة المبادرة في استعادة الدولة, حملوا مؤتمر الحوار المسؤولية, عدم انتهاء المؤتمر من اعماله سبب كل المشاكل, والحل يكمن في الضغط من اجل حسم كل المواضيع الخلافية بسرعة.
بدأوا بالحراك الجنوبي, استغلوا تشدد محمد علي احمد في ادارة المكون بمفردة وعملوا على شقه, ضغطوا عليه ليستمر في الحوار بشرط أن يكون واجهة فقط, رفض الرجل, اتخذوا قرارات باسم المكون دون أخذ موافقته, ولأن الأمانة العامة معهم اعتمدت تلك القرارات فوراً, لم يتحمل أحمد ذلك فاعلن انسحابه مع بعض أصحابه.
جاءت قيادة جديدة للحراك, وصلوا الى مسألة الأقاليم, تشدد بعضهم وطالبوا بإقليمين على مستوى اليمن, ورفضوا مشروع تقسيم الجنوب, ضُغط عليهم, عُين خالد باراس رئيساً للقضية الجنوبية لأنه من المؤيدين لتقسيم الجنوب الى اقليمين, تجربة محمد علي أحمد عالقة في أذهان البقية, أن ترفض ما يريدون معناه أن مصير أبو سند بانتظارك.
أمام الاعلام يصيحون, استعادة الدولة, اقليمين بحدود عام 90م, شعب الجنوب قرر مصيره, وفي الغرف المغلقة الصمت سيد الموقف والغياب هو المخرج من الاحراج.
المكونات الصلبة التي لم يتمكنوا من تقسيمها لجأوا الى حيلة أخرى أشد خطورة, استمالة قادتها أو ممثليهم, اغراءات, وعود مستقبلية, تهديدات بالعزل, أعضاء المكون يصيحون في القاعات رافضين لبعض المخرجات, وممثليهم في لجنة التوفيق والرئاسة يقولون سمعاً وطاعة, ثم يبررون كل ذلك ويرفعون معلومات مغلوطة ينظرون بها لتجاوزهم للخطوط الحمراء التي رسمتها لهم مكوناتهم.
مكونات استخدموا معها العصا الدولية, وأخرى إغراءات المناصب والتعيينات الحكومية, وثالثة لا تزال أسيرة تجربة التسعينات, ورابعة استغلوا انشغال قيادتها بمعارك وجبهات قتالية, وخامسة استغلوا عدم وجود قيادة لها – المكونات غير المُهيكلة - فاستمالوا بعض أعضائها ووعدوا آخرين بتعيينات فور انتهاء أعمال المؤتمر.
تم تمرير بعض المخرجات بتلك الطريقة في لجنة التوفيق وفي هيئة رئاسة المؤتمر, وعند عرضها على الجلسة العامة انفجرت الأزمة مجدداً, وتأكدوا أن اتفاقاتهم لا يمكن تمريرها لأنها لن تحظى بالتوافق المطلوب في جلسة التصويت الأولى وهي نسبة 90 %, بل أنهم يخشون أن لا تحظى بنسبة 75 % المطلوبة في جلسة التصويت التالية, وتجنباً للفضيحة قرروا خرق النظام الداخلي وبكل وقاحة, فابتدعوا نظام التصويت ب" الأغلبية ", مع أنه لا وجود لتلك "البدعة" في النظام الداخلي, ومرروا تفويض رئيس الجمهورية لتشكيل لجنة تحديد الأقاليم عبرها, جسوا نبض المتحاورين, صاح الكثير في الجلسة العامة, بُحت أصواتهم, ورؤساء مكوناتهم يصفقون للتفويض في المنصة أو خلف الكواليس.
كُسر حاجز التوافق, مر التفويض, الغي النظام الداخلي, ودعس عليه بالبيادة, صرخنا, كتبنا, حذرنا, سربنا أخبار ليعرف الناس حقيقة ما يدور, , دون فائدة, قلنا لهم مرروا مؤامرتكم وصفقاتكم وفقاً للنظام الداخلي, لتكون على الأقل شرعية, ونسجل نحن مواقفنا كأعضاء.
في الأخير انتهى مؤتمر الحوار الى التجديد لحكومة المبادرة و لمجلس النواب الأثري, وسلمنا مُخرجات الحوار – مهما كانت ايجابية - لمؤسسات فاشلة, وسيُقسم الجنوب الى اقليمين, ليزرعوا فتنة داخلية فيه يخرجوا بها من ورطة القضية الجنوبية, وسيقسم الشمال الى أكثر من اقليم ليؤسسوا للشرق الأوسط الجديد الطائفي المذهبي المتناحر.