جوم الإرهاب في زمن البث المباشر

2025-11-13 18:58

 

"مراقب"

في عالم الإرهاب، الكلمة قنبلة... والتبرير تواطؤ.

في "زمن الإعلام الرمادي"، صار التفجير يتمّ بالميكروفون لا بالعبوة.

 

تصل إليه الرسالة المشفّرة على أحد تطبيقات الظلّ:

«غدًا، سنرتب لك مقابلة على قناة (...)، غيّر اللهجة. قل إن التحالف العربي يدعم الإرهاب من خلال الأحزمة الأمنية والقوات الجنوبية».

يردّ “النجم الصاعد” بوجه مفعم بالوطنية المصطنعة:

– حاضر، فقط أرسلوا لي محاور النقاش ومن سيكون خصمي حتى أنال منه!

 

من إسطنبول تأتي التحويلات، وفي “الشرعية” هناك من يسرّب الدعم اللوجستي والمعلومة، تُفتح قنوات الجزيرة، المستقلة، المهرية، و يمن شباب له الشاشات والمايكروفونات والابتسامات الدافئة.

يصبح بين ليلة وضحاها “محللًا استراتيجيًا”، يتحدّث عن الإرهاب كما يتحدّث الطاهي عن وصفة "الصيادية"، يخلط المصطلحات كما يخلط البهارات، ويصرخ على الهواء وهو يجهل حتى المواقع على الخريطة.

 

تتابعه الجماهير بفضول، وتصفق له القنوات الممولة، يقوم المغرر بهم بنشر مقاطع من المقابلة على X وفيسبوك، بينما أجهزة المخابرات تراقب بصمت، تسجّل كل كلمة، وتبتسم.

ثم يأتي اليوم الموعود... تعاون مخابرات طبيعي بين الدول،

مطار، أو فندق، أو معبر حدودي.

ابتسامة رسمية، استدعاء بسيط، ثم اختفاء أنيق بلا عناوين.

 

يُسجَّل الخبر في سطر قصير:

"اعتقال إعلامي يشتبه بتورطه في دعم جماعات متطرفة."

وتواصل القنوات بثّها المعتاد... فثمّة دائمًا نجم جديد جاهز للاستبدال.

 

هكذا ينتهي المشهد:

منشور حماسي... لقاء تلفزيوني... ثم صمت مطبق.

أما بطل القصة، فقد تبرّأ منه الجميع، حتى حسابه على إكس وفيسبوك أُغلق بسبب "انتهاك القواعد".

 

في النهاية، لم يكن سوى غبي ظنّ نفسه مناضلا كجيفارا.. قبل أن يكتشف أن نضاله الذي بح صوته لأجله كان مملوك بالكامل لشركة علاقات عامة تعمل بالساعة لدى مخابرات دولة الضيافة.