لاحظنا في الآونة الأخيرة الكثير من النقاش والطرح في وسائل التواصل الاجتماعي حول تصريحات الوزير الزنداني بشأن القضية الجنوبية وبيان المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويتضح من طروحات بعض الناشطين والإعلاميين الجنوبيين أنهم مستعجلون، يريدون نتائج فورية، بينما نحن أمام قضية معقدة ذات أبعاد إقليمية ودولية، وعدو طامع توسعي، وكل دولة تنظر إليها من زاويتها ومن مصالحها. لكن الأهم هو صاحب القضية وتمسكه وثباته ووجوده على أرضه، فذلك وحده ما يغيّر المواقف المعلنة حاليًا للدول ويجبرها على التعامل مع الواقع القائم.
وفي كل الأحوال، تبقى القضية الجنوبية ضمن ملفات الدول العظمى الخمس، وفق تفاهمات سابقة تعود إلى ما قبل الاستقلال. ومن تعب من مواصلة النضال يمكنه أن يرتاح دون أن يشكك في عدالة قضية الجنوب، التي لن يتحقق الأمن والاستقرار والسلام إلا بحلها. فالوحدة اليمنية أيضًا غير موجودة، ولا توجد دولة تدّعي أو تملك حجة قانونية بالوحدة اليمنية، إذ يعيش الجميع في ما يمكن تسميته بـ"الحالة اليمنية"، وتحت الفصل السابع واللجنة الرباعية، وكل طرف يسعى لإثبات حقه وانتزاعه بوسائل مختلفة.
أما التشكيك والاستعجال والتصرفات غير المدروسة فمخاطرها كبيرة، بينما التبصر والتريث والثبات مفيدة، لأن الصراع يدور أساسًا على الجنوب وفيه، وحسمه يحتاج إلى نفس طويل وصبر. وفي هذا الوقت، يحتاج السياسي الجنوبي إلى البصيرة وتوسيع الاتصالات وبذل الجهود المكثفة، والالتفاف حول الرئيس عيدروس الزبيدي والمجلس الانتقالي الجنوبي لنيل التأييد الدولي والإقليمي وتحقيق الاصطفاف الجنوبي الواسع قدر الإمكان.
ولا يوجد في يد العرب الكثير، لذا يجب أن تظل شراكة الجنوب مع التحالف العربي مستمرة رغم الملاحظات والعتب، فالقضية معقدة ومرتبطة بملفات شائكة أخرى في المنطقة، وهذا قدر شعب الجنوب ودوره. وفي نهاية المطاف ستكون الغلبة لأصحاب الحق الثابتين عليه والمتمسكين به، إذ لم يعد أمام الأطراف اليمنية من حل ممكن سوى التسليم بحق شعب الجنوب واستكمال فك الارتباط والعودة إلى حدود الدولتين قبل عام 1990، إما بسلام أو بحرب طاحنة تقضي على ما تبقى من ودّ بين الشعبين الجارين والشقيقين في اليمن والجنوب.
الباحث / علي محمد السليماني