نتنياهو بين الحصانة والعدالة.. هل يمكن للإفلات أن يدوم؟
*- خاص لـ "شبوة برس"
في المشهدين الإسرائيلي واليمني، تبرز قضية الحصانة من الملاحقة القانونية ليس كمجرد إجراء تقني، بل كمرآة تعكس تعقيدات السلطة والبقاء السياسي ومساءلة الإنسان. قصة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس اليمني الراحل، علي عبد الله صالح، تقدمان دراسة إنسانية عميقة في كيف يمكن للقانون أن يصبح أداة للنجاة، وكيف تبقى العدالة الدولية ندبة في ضمير العالم.
حين يحصل بنيامين نتنياهو على حصانةٍ تحميه من الملاحقة القانونية، يعود إلى الأذهان مشهدٌ مشابه عاشه اليمنيون قبل أعوام، عندما مُنح الرئيس علي عبدالله صالح الحصانة من أي مساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت خلال حكمه الطويل. في الحالتين، وُزعت الحصانة كأنها صك غفران سياسي، لا كأنها إقرارٌ بالعجز عن تحقيق العدالة.
نتنياهو، الذي تحاصره ملفات الفساد والدماء الفلسطينية، يحاول أن يلوذ بالحصانة ليحتمي من المحاكم ومن ذاكرة الضحايا، كما فعل صالح حين احتمى بها ليهرب من مواجهة الحقيقة. لكن التاريخ لا ينسى، والعدالة، وإن تأخرت، لا تموت.
الحصانة في معناها السياسي قد توقف المحاكم مؤقتًا، لكنها لا تطفئ نار الغضب الإنساني، ولا تمحو آثار الضحايا، ولا تلغي شهادات الأحياء. فالمجرم الذي يُمنح الحصانة يبقى في أعين الناس مدانًا، مهما غطّته القوانين.
وفي عالمٍ يتغير سريعًا، ومع تصاعد الأصوات المطالبة بمحاسبة مجرمي الحرب، لم تعد الحصانة درعًا منيعًا كما كانت. فالقانون الدولي يتوسع، والمحاكم لا تعترف بزمنٍ محدد للعدالة، بل تنتظر اللحظة التي يسقط فيها الغطاء السياسي.
ربما يظن نتنياهو اليوم أنه نجا، كما ظن علي عبدالله صالح من قبله، لكنّ العدالة ليست ورقة قانونية، بل ضمير الشعوب الذي لا يُشترى ولا يُسكت. فحين يأتي يوم الحساب، لن تنفعه الحصانة، ولن تنفعه المناصب، لأن التاريخ لا يحاكم بالأوراق، بل بالحقائق والدماء التي سُفكت باسم السياسة.
*- كتب التقرير "مراقب فلسطيني".. خصيصا لــ "شبوة برس"