تتهاوى أوراق ما يسمى بـ"حلف الهضبة" كما تتساقط أوراق الخريف؛ كاشفة أن عمرو بن حبريش لم يعد سوى ظل باهت لزعامة فقدت بريقها؛ فالرجل الذي حاول لأشهر أن يرسم لنفسه صورة الوصي على حضرموت، وجد نفسه محاصرًا بتركة مثقلة بالعناد والمغامرات غير المحسوبة، فيما يزداد طوق العزلة من حوله كل يوم، بعدما انفضّت المقادمة والعقال والوجهاء عن دائرته وتركوه يواجه مصيره منفردًا، في مشهد يعكس تحوّل الغضب الصامت إلى موقف معلن، ويفضح حجم السخط الشعبي الذي ظل يتراكم بصبر طويل حتى انفجر في وجهه وأسقط عنه كل أوراق التجمّل التي كان يتدثر بها.
مصادر قبلية أكدت أن الوجهاء الذين التفوا حول ابن حبريش في وقت سابق، لم يعودوا يثقون بمساره، بعد أن تبيّن لهم أنه غارق في تحالفات ملتبسة ومصالح شخصية ضيقة، لا تمت بصلة لقضايا حضرموت ولا لحقوق أبنائها، بل إن كثيرًا منهم بدأ يصفه بأنه أصبح "حصانًا خاسرًا" في ساحة سياسية لا ترحم المترددين ولا المتاجرين باسم القبيلة.
ولعل الضربة الأقسى التي قصمت ظهر الرجل جاءت من الرياض، حين أغلقت الباب في وجهه ورفضت اعتماد تشكيلاته المسلحة التي ظلّ يتكئ عليها كفزاعة وورقة ابتزاز، ومع هذا الرفض انهارت أوهامه العسكرية وتبخّر الخطاب الذي كان يشيّد به حضوره، ليجد نفسه عاريًا من السلاح ومن الغطاء، فيما لم يبق إلى جانبه سوى بقايا داعم لا يرجو لحضرموت الخير ولا يحمل لها سوى مشاريع مشبوهة تزيد من أوجاعها.
وفي المقابل، برز مبخوت بن ماضي بخطوات مدروسة وهو يفكك عقد الانقسام التي أورثها الآخرون، رابطًا مصالح القبائل والوجهاء بمشروع حضرمي جامع يقطع الطريق على المشاريع الصغيرة والمغامرات الفردية؛ ليغدو بذلك، وفق مراقبين، عنوانًا لمسار جديد يتطلع إليه الحضارم، مسار يقوم على التوافق والاحترام المتبادل ويبتعد عن التشتت والارتهان، فاتحًا الباب أمام حضرموت لتخطو بثقة نحو استقرار طال انتظاره.
*- شبوة برس – منصة حضرموت