تقول لي كان رجُلٌ شجاع، نعم. وصاحب قرار برضه نعم. ورجل قومي، ايضا نعم كان كذلك.عن الرئيس الراحل صالح اتحدث.
لكن إن تقول إنه رجل دولة، فهو لم يبن دولة اصلا حتى يكون رجلها، فلو كان فعل ذلك لما وصل الوضع الى ما وصل اليه اليوم. فهو ظل يتمثل القول( أنا الدولة ،والدولة أنا).
جعلَ من نفسه عمود خيمية، والبلد هي هذه الخيمة، فبمجرد ان انكسر العمود انهدت الخيمة على من فيها، وبالتالي هو لم يبن دولة، بل بنى سلطة، برغم انه توحد مع دولة كانت تتمتع بنظام إداري وسيادة قانون وهيبة دولة ونظام وعدالة اجتماعية بالحدود المقبولة ولكنه ليس فقط لم يستفد منها ويعممها على الدولة اليمنية الموحدة الوليدة في الشمال بل قضى عليها تماما وافرغها تماما من جوهرها . ولم ينفد هو وأركان نظامه مبدأ: (الاخذ بما هو افضل من النظامين السابقين) الذي كان رائجا حينها بل تم الأخذ بكل ما يصب في تعميق حضور سلطة القبيلة والمؤسسة الدينية العتيقة البالية وما يعزز معها سلطة الفرد و ثقافة العكفي.
ثم فرصة اخرى ذهبية لبناء دولة مؤسسات حقيقية اهدرها بعد حرب ٩٤م حين اقصى شريكة الجنوبي بعد ما اُخليت له الساحة ودانت له البلاد من أقصاها الى أقصاها..
. وآخر فرصة واتته حين تفرد بالحكم وحيدا لا شريك له بعد انسحاب حزب الإصلاح من الحكومة على خلفية الانتخابات النيابية في عام ١٩٩٧م ، وتسلم د. فرج بن غانم المشهود له بالنزاهة والخبرة والاستقلالية رئاسة الحكومة المؤتمرية التي لم يدم فيهاشجتقتلعه ذات القوى التقليدية .
.. أما قول البعض انه حقق الوحدة،فهذه مغالطة تاريخية صارخة.فالوحدوي الحقيقي لا يضرب الوحدة بالدبابات والمدافع ويجيش ضدها كل شذاذ الآفاق.فهو شارك بصنعها مع آخرين واجهز عليها منفردا،وحلم الهيمنة يغشاه.
فالطرف الشمالي عام ٨٩م اقصى ما اتى به هي فكرة الوحدة الكونفدرالية أو في افضلها الفيدرالية. فيما الطرف الجنوبي- وهذه غلطته الناريخية- اصر على االوحدة الاندماجية ،بصرف النظر عن الظروف الدولية والمحلية التي كانت تؤثر على دولة الجنوب غداة بداية انهيار المنظومة الاشتراكية.
ففي الشمال كان قطاع واسع من النخب الدينيةو القبلية والعسكر ورموز منضوية داخل المؤامر الشعبي العام معارضة للوحدة. وللتدليل على صحة هذا القول ان قطاع واسع رفض دستور الوحدة وحرّض على عملية الإستفتاء الشعبي على ذلك الدستور.