سلطان البركاني زائر غير مرغوب فيه في الجنوب

2025-07-05 17:23
سلطان البركاني زائر غير مرغوب فيه في الجنوب
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - محمد عبدالله المارم 

لم يكن ينقص هذا المشهد العبثي إلا ظهور سلطان البركاني من جديد، عائدًا من زوايا النسيان بعد غياب طويل عن الواقع السياسي، يحمل ملفات قديمة وأفكارًا انتهى وقتها، متوهّمًا أن الجنوب لا يزال كما كان، وأن بإمكانه إعادة فرض وصايته على أرض تغيّرت وتجاوزت تلك المرحلة.

 

عاد البركاني إلى عدن لا لأنه يملك رؤية أو مشروعًا، بل لأنه لا يزال يظن أن هناك من ينتظر خطابه أو يستجيب لتحركاته. دخل قصر معاشيق لا كرجل دولة، بل كصدى باهت من زمن انقضى، تفوح منه روائح العجز، وتطفو على ملامحه بقايا خطابات انتهت قبل أن تُقال.

 

جاء مسرعًا على ما يبدو لينتشل رفيق دربه الغارق في وحل الفساد، وكأنه ما زال يعتقد أن عدن تدار بالأوامر الفوقية، وأن الصوت العالي يكفي لإسكات الحقيقة. لكنه نسي أو تجاهل أن الجنوب تغير، وأن زمن الطاعة العمياء انتهى، وأن من يقف اليوم على هذه الأرض لا يشبه أولئك الذين كانوا يستقبلونه بالتصفيق.

 

حاول البركاني أن يحيي دور المفتش العام باجتماعات استعراضية يتحدث فيها عن لجان ونزولات ميدانية، متناسيًا أنه لم ير هذه الأرض منذ سنين، ولم يعرف من واقعها سوى ما وصله من تقارير ملفقة أو أحاديث المجالس. كيف لمن يعيش في الخارج ويتنقل بين الفنادق أن يزعم الرقابة على شعب يعيش وسط المعاناة والدماء والتضحيات؟

 

اجتمع بمن تبقى من رماد العهد القديم، ووقف يخطب فيهم كما لو أنه ما زال يمسك بمفاتيح القرار، يتحدث عن النظام والدستور، بينما عجز طوال سنوات عن الدفاع حتى عن شرعية مؤسسته، تلك التي لفظها الواقع كما يلفظ الطين اليابس بعد المطر.

 

ما زال يظن أن الجنوب متجمّد عند لحظة الوصاية، لم يدرك أن الجنوبي اليوم يميّز ويفرز ويقرأ المشهد السياسي بعين مفتوحة، لم يعد ينخدع بشعارات جوفاء، ولا بخطب من ورق، ولا بوجوه هرِمت قبل أن تشيخ.

 

مجلس البركاني مات منذ زمن وشبع موتًا سياسيًا، لا هو ولا من يمثلهم يملكون موطئ قدم في الجنوب، فهنا تُصنع القرارات من رحم المعاناة، وتُبنى الدولة من عرق الرجال، لا من كواليس المهجر ولا من مقاهي العواصم التي تعوّدوا العيش في ظلها.

 

الجنوب اليوم ليس بحاجة إلى وصاية، بل إلى من يصدق في النوايا، ويشترك في المعركة، ويعرف معنى الكرامة والسيادة. ومن لا يعرف ذلك، فمكانه في الماضي تمامًا حيث خرج منه البركاني.