*- شبوة برس – هاني مسهور
في أبريل الماضي، شنّت القوات الأمريكية غارات جوية عنيفة استهدفت منشأة رأس عيسى النفطية على الساحل الغربي لليمن، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصاً وإصابة العشرات. جاء الهجوم ضمن حملة عسكرية مكثفة رداً على هجمات الحوثيين ضد السفن العابرة للبحر الأحمر، والتي وصفوها بأنها "رد فعل تضامني مع الفلسطينيين في غزة".
منظمات حقوقية وصفت الهجوم الأمريكي بأنه "جريمة حرب محتملة"، بينما اعتبره الحوثيون ضربة موجعة لأحد أهم مصادر دخلهم الحيوي في خضم التصعيد.
حركة الشباب تُحكِم قبضتها
على الضفة الأخرى من خليج عدن، استعادت حركة الشباب الصومالية زخمها العسكري. ففي منتصف أبريل، سيطرت الحركة على بلدة عدن يعبَل الاستراتيجية، على بُعد نحو 120 ميلاً من مقديشو، بعد معارك عنيفة وغارات جوية صومالية أمريكية مشتركة.
ورغم الإعلان السابق بتحرير البلدة، عادت الحركة لفرض سيطرتها، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني وقدرة الجماعة على المناورة والعودة.
تحالف من الظلال: الحوثيون والشباب يتبادلون الأدوار
تهريب مشترك وتبادل منافع
رغم التباعد الأيديولوجي بين الحوثيين الشيعة وتنظيم الشباب السني المرتبط بالقاعدة، كشف تقرير لمجلة New Lines عن تحالف متصاعد بين الطرفين، مبني على تبادل المنافع: الحوثيون يزوّدون حركة الشباب بالأسلحة، في مقابل خدمات لوجستية بحرية تُسهم في تمرير شحنات التهريب وتضليل الدوريات البحرية.
ويقول يزيد الجداوي، من مركز صنعاء للدراسات، إن العلاقة تعمّقت في ظل تصاعد القرصنة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب مطلع عام 2024.
اجتماعات وتنسيق ميداني
أشارت تقارير أممية إلى عقد لقاءين مباشرين بين الجماعتين في يوليو وسبتمبر 2024، تم خلالهما تسليم أسلحة خفيفة من الحوثيين إلى الشباب. وتم التأكد من مصدر الأسلحة عبر أرقام تسلسلية طابقت شحنات سابقة صودرت في البحر.
في المقابل، كشف الخبير إبراهيم جلال أن الحوثيين أرسلوا منسقين إلى داخل الأراضي الصومالية لتسهيل التعاون العملياتي، بما في ذلك الدعم في تنفيذ هجمات ضد السفن.
من الصومال إلى البحر الأحمر: الجبهة المزدوجة تتسع
دور متزايد للجماعات الصومالية
لم يعد الدعم الصومالي للحوثيين يقتصر على تسهيل التهريب، بل تشير تقارير إلى مشاركة فعلية في عمليات عسكرية. فقد رُصدت هجمات في خليج عدن نفذت من مناطق خارج تغطية الرادارات اليمنية، ما يرجّح تورط عناصر صومالية في عمليات التوجيه والاستطلاع.
كما زارت وفود من الصومال مدينة الحديدة اليمنية، وتلقت تدريبات على استخدام المسيّرات، إلى جانب "دورات أيديولوجية"، في مؤشر على سعي الحوثيين لتوسيع نفوذهم العقائدي أيضًا.
خارطة نفوذ جديدة
باتت مناطق مثل أرض الصومال، وبونتلاند، وأقاليم الجنوب الصومالي، محاور ارتكاز جديدة للحوثيين في سعيهم لتوسيع نطاق عملياتهم نحو المحيط الهندي. وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الجماعة قد تستخدم هذه المناطق كمنصات للهجوم أو الرد في فترات التصعيد، خاصة مع تراجع الدعم الإيراني بعد الضربات الإسرائيلية.
تهديد عابر للحدود
من وكلاء إلى فاعلين مستقلين
ما كان يُنظر إليه في السابق كتحالفات تكتيكية مؤقتة، بات يُشكّل شبكة نفوذ عسكرية عابرة للحدود. فالحوثيون، الذين ارتبطوا تاريخيًا بطهران، بدأوا بتوسيع مصادر تسليحهم، بما في ذلك من الصين، لتجاوز الاعتماد الأحادي على إيران.
وفي ظل هذا التحوّل، يرى مراقبون أن الجماعة تُعيد تعريف نفسها كقوة تمرد مستقلة، تتقن استغلال الفوضى وتبني تحالفات مفاجئة لفرض وجودها في ممرات استراتيجية بالغة الأهمية.