*- شبوة برس - وهيب الحاجب
منذ تأسيسه رفع مجلس القيادة الرئاسي شعار الشراكة الوطنية، مؤكدًا على ضرورة حل قضية الجنوب، باعتبارها قضية محورية وأساسًا لإنهاء الصراع، لكن الواقع كشف أن هذه الشعارات لم تُترجم إلى خطوات حقيقية، بل تحولت القضية الجنوبية إلى أداة لتوظيف الصراع الداخلي وتوازنات القوى. أبرز مظاهر هذا التوظيف ظهرت في تعامل المجلس مع حضرموت، إذ بدا متخاذلًا أو متماهيًا وربما عاجزًا أمام "أطراف" تعمل على تغذية الخلافات المناطقية والقبلية بدلًا من دعم الوحدة الجنوبية.
في حضرموت، التي يُفترض أن تكون جزءًا من مشروع استعادة دولة الجنوب، سعى المجلس إلى خلق "توازنات" تستفيد منها أطراف معينة على حساب وحدة الموقف الجنوبي، وبدلًا من تقوية الصوت الحضرمي داخل إطار القضية الجنوبية عجز المجلس عن كبح جماح تلك الأطراف التي تعمل لتعزيز مشاريع شق الصف الجنوبي، وهذا لم يؤدِ سوى إلى زيادة التوترات وإثارة الانقسامات، بدلًا من التوصل إلى حل شامل يعيد الجنوب إلى موقعه الطبيعي في سياق التوجه الذي يقولون إنه مشروع "وطني يمني".
خلال الثلاث سنوات من عمر المجلس تكشف لكل حصيف أن الرئاسي لا يعتبر القضية الجنوبية مسألة استراتيجية، بل قضية ثانوية يمكن التلاعب بها لأجندات ومصالح سياسية، فالمجلس الذي كان يُفترض أن يكون كيانًا توافقيًّا جامعًا يحترم تطلعات الجنوبيين، فشل في ترجمة هذه التطلعات إلى أفعال ملموسة، بل على العكس، قدّم المشروع الجنوبي كأداة للضغط السياسي؛ وهو ما يعني في المحصلة أن الرئاسي جعل من قضية الجنوب "نار تحت الرماد" قابلة للاشتعال في أية لحظة، ومعها قد تتغير الموازين والحسابات ويعاد رسم الخارطة بشكل أو بآخر.
أما على الصعيد العسكري والسياسي، فقد فشل المجلس في تحقيق أي تقدم ملموس. في الجانب العسكري، لم يُحقق أي انتصار على الحوثيين، بل ظل الوضع العسكري في حالة ركود، حيث توسع الحوثيون في نفوذهم السياسي والدبلوماسي، بينما تآكلت شرعية المجلس داخليًا وإقليميًا. ورغم الترويج لوجود تحالف عسكري شامل، ظلت الجبهات اليمنية في حالة دفاع، دون أي تقدم حقيقي في تحرير الأراضي من الحوثيين.
اقتصاديًا، تدهورت الأوضاع بشكل كبير، حيث انهارت الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والصحة، وزادت معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار المستمر. ورغم التوقعات بأن يعزز المجلس الوضع الاقتصادي، فشل في تنفيذ أي حلول حقيقية، تاركًا الاقتصاد في حالة من موت سريري.
في المجمل، بعد ثلاث سنوات من تشكيله، يراوح مجلس القيادة مكانه في حالة فشل تام على كافة الأصعدة، فلا قدم حلًّا جذريًّا لقضية الجنوب، ولا حقق أي تقدم عسكري أو اقتصادي يُذكر. بل يمكن القول إنه لم يحقق سوى المزيد من الانقسامات السياسية والتدهور المعيشي، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول مستقبل المجلس وقدرته على معالجة الأزمة اليمنية من أساسها.
*- عن صحيفة الأيام