نحن في مرحلة نقاش.. لا اعتياش

2025-04-08 20:44

 

في المراحل المفصلية من تاريخ الشعوب، تبرز الحاجة إلى إعادة تعريف المفاهيم وضبط إيقاع المواقف، بما يتناسب مع قدسية المرحلة وحجم التحديات. ونحن في الجنوب، في لحظة دقيقة من مسيرة نضالنا السياسي، لا نملك ترف التردد أو مجاملة العابرين على حساب المشروع الجنوبي الكبير. ولذا، فإن من الضروري أن نضع النقاط على الحروف: نحن في مرحلة نقاش، ولسنا في ساحة اعتياش.

النقاش مسؤولية فكرية، وقيمة أخلاقية، وأداة من أدوات البناء الوطني. أما تحويله إلى وسيلة للارتزاق، فهو انحراف عن المسار، وتشويه لجوهر الفكرة. النقاش ليس بابًا للحصول على مكاسب شخصية، ولا منصة لفرض الذات أو استعراض العضلات الخطابية، بل هو حوار عقول، تصادم رؤى، وإرادة تغيير.

إن القضية الجنوبية، بما تمثله من عدالة وعمق تاريخي، ليست طاولة لتقاسم الغنائم، ولا مجالاً للمساومة والمقايضة. هي مشروع تحرر وطني، يتطلب طهرًا في النوايا، وصفاءً في الأهداف، واستعدادًا للتضحية، لا للتكسّب والاستثمار على حساب معاناة الناس.

لقد سئم الشارع من الحضور الموسمي لأصحاب الشعارات الفارغة، ومن أولئك الذين لا يظهرون إلا عند توزيع المكاسب أو في المناسبات، ثم يختفون عند الأزمات، ويغيبون عن مواقع الفعل الحقيقي. هؤلاء لا يصنعون تغييرًا، بل يعمّقون الخيبة، ويضاعفون منسوب الإحباط.

إننا بحاجة إلى فرز واعٍ، بين من يملك مشروعًا سياسيًا واضحًا، ويخوض النقاش من منطلق وطني، وبين من يمتهن الضجيج لغايات شخصية، لا يؤمن إلا بمنفعة آنية، ولا يحترم تضحيات الناس ولا ذاكرة الأرض.

ولعل من واجب القيادات، اليوم قبل الغد، أن تُعيد النظر في أدواتها ومساحاتها المفتوحة. فليس كل من يرفع صوته يستحق المايكروفون، وليس كل من كتب منشورًا أو حضر فعالية يُعدّ شريكًا في المشروع الوطني. المعيار الحقيقي هو الموقف، لا الموقع. هو ما يُقدَّم للوطن، لا ما يُنتزع منه.

وفي الأخير ، فإن الرسالة التي يجب أن تُقال بوضوح، دون مواربة أو تجميل:

"الجنوب اليوم في لحظة وعي ومصير... وهذه اللحظة لا تحتمل الاعتياش السياسي. نحن في مرحلة نقاش... نقاش من أجل الوطن، لا على حسابه."