الاحتقان الطائفي يهدد بحرب أهلية في سوريا..العنف والقسوة على طريقة القاعدة
*- شبوة برس – العرب: دمشق-
ردت الإدارة السورية الجديدة بعنف شديد على العمليات التي نفذتها مجموعات صغيرة من العلويين، وتجاوز الرد المسلحين إلى تنفيذ عمليات قتل عشوائية طالت المئات من العلويين، في رسالة واضحة تؤكد أن المرونة التي تبديها إدارة أحمد الشرع في خطابها الخارجي لا تعني أنها تغيرت أو أنها ضعيفة ويمكن لاحتجاجات متفرقة أن تربكها.
يأتي هذا في وقت يعتقد فيه مراقبون أن إدارة الشرع لم تتصرف بصفتها مؤسسة حكومية انتقالية، ولكن بصفتها حركة تحرير الشام التي تنحدر من تنظيم القاعدة، وأنها سعت لتذكير خصومها بأن الاعتدال هو إجراء تكتيكي تفرضه ظروف الحكم، وأن الخيار العسكري جاهز، وهو ما يؤشر إلى أن الاحتقان الطائفي يهدد بحرب أهلية في سوريا.
رامي عبدالرحمن: قوات أمن مرتبطة بالإدارة الجديدة في سوريا ومجموعات رديفة قتلوا المئات بينهم نساء وأطفال من الأقلية العلوية
وفي أول اختبار لها، ذهبت حركة تحرير الشام، إلى ردة فعل قصوى ومارست عنفا موجها ضد العلويين سواء من حملوا السلاح أو من تظاهروا سلميا ورددوا شعارات ضد التهميش والاستهداف وضد مدنيين لم يرفعوا السلاح ولم يتظاهروا، والاستهداف تمّ لكونهم علويين. وهو ما يعني تحذير الجميع من أن الهيئة التي وصلت إلى السلطة عند طريق السلاح لن تخرج بسهولة.
وكان واضحا من حجم التعزيزات التي أرسلت إلى الساحل السوري أن الهيئة تريد أن تظهر قوتها حتى لا تتسع دائرة الاحتجاج إلى مناطق أقليات أخرى فتتجرّأ وترفع السلاح أو تتظاهر وتمنع دخول القوات التي تحمل أزياء حكومية.
ويرى المراقبون أن الرد القاسي موجه أيضا إلى الجهات الخارجية التي قد تفكر في دعم تمرد مسلح محدود وفق خطة تقوم على المفاجأة والإرباك، خاصة في ضوء تصريحات إيرانية أو احتفاء إعلامي ببوادر التمرد الذي بدأ الخميس والجمعة.
ونفى حزب الله السبت علاقته بالأحداث التي تجري في سوريا، داعيا وسائل الإعلام إلى توخي الدقة في نقل الأخبار.
وقال بيان صادر عن العلاقات الإعلامية في حزب الله إن الحزب “ينفي بشكل واضح وقاطع هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة ويدعو وسائل الإعلام إلى توخي الدقة في نقل الأخبار وعدم الانجرار وراء حملات التضليل التي تخدم أهدافا سياسية وأجندات خارجية مشبوهة”.
لكن بعض الميليشيات التابعة للحشد الشعبي في العراق لم تخف موقفها الداعم لتحركات العلويين وانتقادها لإدارة الشرع، مثل تصريحات قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق الذي وصف قوات الشرع بأنها قوات ذات “تاريخ إرهابي”.
وفي بيان نشره السبت قال الخزعلي “إن تلك الجماعات تتنكر حالياً تحت ستار القوات الأمنية” وإن “الإعدامات التي تستهدف أبناء الطائفة العلوية تُثير فزعاً عميقاً وتستدعي تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لحمايتهم”.
وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات أمن مرتبطة بالإدارة الجديدة في سوريا ومجموعات رديفة قتلوا المئات بينهم نساء وأطفال من الأقلية العلوية في منطقة الساحل بالبلاد منذ يوم الخميس، ما دفع بالآلاف إلى الفرار من منازلهم.
وتحدث المرصد عن “عمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي” و”عمليات إعدام ميدانية” ترافقت مع “عمليات نهب للمنازل والممتلكات”.
وأكد أن من بين القتلى أكثر من 60 مدنيا بينهم “10 نساء و5 أطفال” في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس “أُعدموا رميا بالرصاص”.
وأضاف أن عمليات القتل واسعة النطاق في جبلة وبانياس ومناطق محيطة في منطقة تمركز العلويين في سوريا ترقى إلى أن تكون أشد أعمال عنف منذ سنوات في صراع أهلي مستمر منذ 13 عاما.
*- الميليشيات التابعة للحشد الشعبي في العراق لم تخف موقفها الداعم لتحركات العلويين وانتقادها لإدارة الشرع
ونشر مستخدمون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تتحدّث عن قتل مدنيين من أفراد عائلات وأصدقائهم ينتمون إلى الطائفة العلوية في المنطقة، وقالت ناشطة إن والدتها وإخوتها “ذبحوا جميعهم في منزلهم”.
ووجه سكان من مدينة بانياس نداءات استغاثة للتدخل من أجل حمايتهم، بحسب منشورات على فيسبوك كذلك.
وشارك ناشطون والمرصد السوري الجمعة مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بملابس مدنية مكدسة قرب بعضها بعضا في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع من الدماء، بينما كان نسوة يولولن في المكان.
وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري وهم يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدا تلو الآخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة. ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري وهو يطلق الرصاص تباعا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يرديه قتيلا.
لكن هذه الأشرطة والاتهامات لم يتم التحقق منها من جهات مستقلة.
*- حجم التعزيزات إلى الساحل السوري يظهر أن الهيئة تريد إظهار قوتها حتى لا تتسع الاحتجاجات إلى أقليات أخرى
وقال مسؤول أمني سوري إن عشرات من أفراد قوات الأمن قتلوا في اشتباكات عنيفة مع مسلحين.
وأقر مسؤولون سوريون بوقوع “انتهاكات” خلال العملية، وألقوا باللوم فيها على حشود غير منظمة من المدنيين والمقاتلين الذين سعوا إما إلى دعم قوات الأمن الرسمية أو ارتكاب جرائم وسط فوضى القتال.
وقال مصدر في وزارة الدفاع لوسائل إعلام رسمية إنه جرى إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار تدريجيا إلى المنطقة.
وأضاف “نؤكد أن وزارة الدفاع شكلت سابقا لجنة طارئة لرصد المخالفات، وإحالة من تجاوز تعليمات القيادة خلال العملية العسكرية والأمنية الأخيرة إلى المحكمة العسكرية”.
لكن حجم العنف الذي ورد في التقارير، والتي منها تقارير عن إعدام العشرات من العلويين في إحدى القرى، يثير المزيد من التساؤلات حول قدرة الإدارة الإسلامية الحالية للبلاد على الحكم بطريقة تشمل جميع الطوائف، وهو ما يشكل مصدر قلق بالغ بالنسبة إلى دول أخرى.