هل من يحكمون سوريا خوارج؟

قبل الإجابة على السؤال دعونا نعرف ما هي صفات الخوارج التي ذكرت في كتب التاريخ..

1- يتعمقون في الدين، يعني علماء وواعظين مدققين فيه، وتروي كتب التاريخ أن عبدالرحمن بن ملجم زعيم الخوارج وقاتل الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان فقيها وواعظا بمصر..

2- يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، وصومه عند صومه،يعني يبالغون في كثرة الشعائر، والتشدد فيها، والأمر بها..

3- يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يعني حناجرهم، والمعنى قراء جيدين للقرآن لكن لا يعملون به، ويفضلون أقوال أئمتهم وزعماؤهم، وبرغم ذلك هم أكثر من يتاجر بالقرآن، حيث يرفعوه في وجه خصومهم، لكنه لا يشكل نسبة من حياتهم..

4- سيماهم التحليق، يعني يحبون مخالفة الأغلبية في الشكل، فكان العرب قديما يحبون إطالة شعرهم وتهذيب بعضه، لكن خوارج عصرهم كانوا يحبون حلق شعرهم لتمييز أنفسهم شكليا، حاليا دأبت جماعات سوريا على تمييز أنفسهم شكليا (بالعكس) أي بمخالفة الأغلبية في قص الشعر عن طريق إطالته والمبالغة في مده واستطالته..

5- فحش لسانهم وشتمهم لمن يخالف رأيهم الفقهي، وتواتر هذا الأمر عن الخوارج، حيث شتموا الصحابي "أبو برزة الأسلمي" الذي ربط دابته كي لا تهرب وهو يصلي، فلما فكت الدابة الرابط ترك الرجل صلاته وجرى وراء دابته، فلما رآه خارجيا شتمه وسبه لأنه ترك الصلاة، فرد عليه الصحابي أنه غزا مع الرسول ورأى من النبي تيسيره على الناس..

6- يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، والمعنى كانوا يقتلون أشقاؤهم وإخوانهم وجيرانهم، لكن يتركون الآخر البعيد أو القوي، سيوفهم مسلطة ضد الجار والشقيق، لكنهم في وداعة ولطف مع أعداء الدين والوطن..

7- حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يعني يغلب عليهم صغر السن وعدم نضج التجربة، مع السفاهة وهي ضعف العقل وخفة الذهن وعدم قدرتهم على الفهم..

8- رفع الشعارات الدينية بالسياسة دون قدرة على فهمها، ونموذج لذلك قولهم (لا حكم إلا لله) فكان رد الصحابي علي بن أبي طالب عليهم، كلمة حق أريد بها باطل، يعني انتوا رافعينها عشان تحكموا سياسة، مش عشان فيه حكم لله واضح لديكم في المسألة...والغريب أنه نفس الشعار الذي ترفعه الجماعات المتأسلمة في العصر الحديث، وكفروا به العلماء والشعوب والحكام.

9-روي عن ابن سيرين من صفات الخوارج أنهم كانوا يقتلون من لقوا، يعني يفحشون في القتل دون بينة أو محاكمة، وهي علامة على سرعة غضب هؤلاء وحقدهم الشديد على مخالفيهم، وسهولة توجيههم وتوظيفهم..

10- روي عن الحسن البصري أنه قال لرجل من الخوارج: ما الإسلام؟ قال: «شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وحج البيت , وصيام رمضان , والغسل من الجنابة» وذكر أشياء فقال الحسن: إنك لتقتل من هذا دينه

يعني الإمام البصري أقام عليه الحجة بأنهم يقتلون مسلمين مثلهم بدعوى أنهم كفار..وهذه الصفة المشهورة عنهم هي (الجهل) بالدين وبالحياة وبأصول العلم والاستدلال..

11- يقتلون الصالحين، وهذه صفة رواها عنهم الصحابي أبو أمامة الباهلي بقوله "هؤلاء كلاب النار , هم شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء , وخير قتلى تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء" يعني الخوارج كانوا يقتلون الصالحين والأخيار، وقلوبهم كانت مليئة بالحقد على من يحصل على حب الناس وثقتهم.

12- كانوا يعجبون الناس , أو تعجبهم أنفسهم، فكانوا يعجبون الناس لفصاحتهم وبلاغتهم، وأكثرهم واعظين خطباء كلامهم جيد، وفي ذات الوقت مغرورين جدا ومعجبين بأنفسهم، ودائمي الثناء على أنفسهم، وتزكية أنفسهم بشكل مستمر..

13- من صفاهم (السمت) أي كانوا يتظاهرون بالخشوع والسمت والذي يعني الهدوء، وهذه الصفة من أشهر صفات الخوارج التي خدعت البسطاء بهم، فظنوا أن من كان هادئا خاشعا هو رجل صالح، بل التاريخ يشهد بأن رؤوس الخوارج كانت بهم تلك الصفة، وحديثا تميز بها أسامة بن لادن ومعظم قادة الجماعات الكبار..

14- كان الخوارج شديدي البأس على الناس الطيبين، أو من يشعرون فيه بالأخلاق والعدالة إذا صدر منه ردة فعل سلمية تجاه التهديد، وقد ذكر عن الإمام علي قوله عن ابن ملجم "أريد حياته, ويريد قتلي" وفي قول آخر "اللهم إني قد سئمتهم , وسئموني , ومللتهم , وملوني , فأرحني منهم , وأرحهم مني" فبلغ هذا القول لابن ملجم فقرر القضاء عليه..

هذه الصفة تدل على وجوب عدم التساهل مع التهديد، ومواجهته بتهديد مماثل أو قوة ساحقة تقضي أو تضعف من سفاهة المجرم..

15- يدعون إلى الله, وليسوا من الله في شيء , يحسبون أنهم على شيء , وليسوا على شيء ، هذه الصفة من أبرز ما تواتر عن الخوارج، وتعني تعصبهم الشديد لرأيهم وعدم استماعهم للنصيحة، وغلوهم وفحشهم ضد الآخر، وارتكابهم للشرور بدعوى الخير دون بينة أو دراسة محققة، وهجرتهم للعقل والشك، وتركهم للنقد الذاتي الذي يمكنهم من رؤية هذا السلوك..

16- يقولون من خير قول البرية، أي يكثرون من الأقوال والاقتباسات والحكم الجيدة التي يتداولها الناس، لكن لا يعملون بها، ويفضلون أن تظل هذه الاقتباسات والحكم هي واجهتهم في المجتمع لنيل الحظوة والسمعة..

17- يمرقون من الدين, كما يمرق السهم من الرمية، يعني يغيرون دينهم وعقائدهم بسرعة دون مراجعة أو تريث، فقد يدخلوا الإسلام دون فهم مبادئه لمجرد شعارات ألقاها متطرف، وقد يلحدون بمجرد لحظة شك واحدة، أو لمصالح خاصة كأرباح أو منزلة اجتماعية أو خوف وذعر..

18- يسقطون آيات الكفار والمشركين على مؤمنين، وشهد لهم بتلك الصفة بعض الصحابة، حيث جادلوا بعض رؤوس الخوارج وجدوهم يسقطون الآيات التي نزلت في كفار قريش بالصحابة..

19- يكفرون الناس بصغائر الذنوب وكبائرها، فهم قوم شديدي الجهل وكارهين للعلم ولا دراية لهم بأصول الاستدلال والمنطق والعقل، ولا بالقرآن ومبادئه الذي يرفعوه، فوقعوا بالغلو الفاحش في تصنيف الناس لمجرد الاختلاف، وتعصبهم لقواعد تبرر لهم هذا الفحش مثل من يتساهل في الصغائر يتساهل في الكبائر، 

20- كان الخوارج يجيدون التمثيل وخداع الناس، حيث كان عندما يقرأ القرآن عليهم (يبالغون في ردة فعلهم) بالصعق والإغماء وشدة البكاء، لإيهام الناس بأنهم صالحون..

 الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه سئل عن القوم يُقرأ عليهم القرآن فيصعقون، فقال: ذلك فعل الخوارج، وكان الرد على تمثيل وخداع هؤلاء الصحابي "عبد الله بن الزبير" حيث قال: رأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرآن، فلا يصيبهم هذا، أفتراهم أخشع لله من أبي بكر وعمر؟

في الحقيقة صفات الخوارج كثيرة وهي بالعشرات لا يسع المقام لذكرها، وفضلت اختصار ذلك ب 20 صفة، ولحضراتكم الحكم والرأي النهائي، هل تلك الصفات تنطبق على حكام سوريا والسلفية بشكل عام؟..أم هي خصيصة لبعض الجماعات الإسلامية وبعض المغالين بشكل فردي؟..أم لا ينطبق الوصف إطلاقا

#نقد_الموروث