إن مستجدات المشهد تُؤشّر إلى سقوط الحوثي - المفترض- لا بسبب كونه انقلابيا قام بالاستيلاء على السلطة في صنعاء وطرد الشرعية وفَرَض سلطة الأمر الواقع، فلقد سبق لدول التحالف أن أغدَقتْ على قوى سياسية وقواتها بالسلاح والمال لغرض تحرير صنعاء ولكن ظلّت تراوح في مكانها ولم تقم بتحرير تَبّه واحده! طالما كانت عقيدتها ليست مبنيّة على إسقاط الحوثي وتحرير صنعاء ولكن على معاودة احتلال الجنوب وتحت أي صيغه ووفقًا لذلك لا يوجد لديها إشكال في أن يكون الشمال للحوثي بما هي تريد الجنوب وشعب الجنوب يرمون به في البحر!
ولذا فإن مؤشرات سقوط الحوثي - المفترض- تعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية: الأول سقوط أذرع إيران المتسارع في جنوب لبنان وسوريا.
والثاني تهديده لمصالح أمريكا والدول الكبرى في استهداف الشحن البحري والتجارة الدولية في الممرات المائية بحر العرب وخليج عدن وباب المندب، والثالث القمع والقهر والظلم الذي يمارسه على أبناء الشمال ولقد بدأت التململات الشعبية والقبلية تلوح في الأفق، وهناك تحليل لصحفية وكاتبه ومديرة الاتصالات بمنظمة أصدقاء الجنوب نشرته صحيفة "الأيام" بعدد الأربعاء 18 ديسمبر الحالي بعنوان (مشاكل اليمن المستعصية تفرض استقلال الجنوب) وفي التفاصيل أن الْمَخْرَجْ من عدم وجود أفق لاتفاقية سلام وتشرذم المجلس الرئاسي حيث لا يستطيع السيطرة على المناطق البعيدة من الحوثيين وعدم معالجة الوضع الاقتصادي المزري ومنع الحوثيين من مهاجمة سفن الملاحة في البحر الأحمر أن الْمَخْرَجْ من كل ذلك يفرض (استقلال الجنوب).
إن أحاديث العامة وما يتردد في الشارع الجنوبي تتمحور جميعها عن تقديرات قيادة المجلس الانتقالي لسقوط الحوثي وهل سيخدم قضية شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته؟ أم أن هناك قوى ستلتقفه والحلول محل الحوثي وهي مسكونة بعقلية احتلال الجنوب والفرع والأصل!
وفي كل الأحوال فإن شعب الجنوب يَتُوق لوجود رؤية وخيارات لدى قيادة المجلس الانتقالي لما بعد سقوط الحوثي المفترض وفي السياق فإن الدولة مؤسسات وجيش وأمن وإمكانيات ووجود على الأرض ووحدة الشعب بكل قواه السياسية والاجتماعية والمدنية والتفافه حول قيادته من خلال جبهة داخلية عريضة قويّة ومتماسكة باعتبار كل تلك العوامل مجتمعة هي أهم شروط التهيئة لاستعادة الدولة الجنوبية كاملة الحُرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل21 مايو 1990م.