رئيس مؤتمر الحوار الوطني يستنكف الحوار المباشر في "إصلاحية موفنبيك" حيث يكون الأول بين أنداد (والأنداد هنا معطى افتراضي متوفر في النظام الداخلي للمؤتمر!).
عوض الحوار يقوم, كرئيس للجمهورية, باستدعاء الأنداد الافتراضيين إلى بلاطه حيث المكان المناسب للاستماع منهم للمدائح وكلمات التبجيل.
القابلية للاستعباد هي من "تفرعن" الرئيس الذي يلعب بالأوراق ويتلاعب بمشاعر الناس العاديين. كما كان يفعل سلفه, وها هو يدير البلد بالأزمات من الجنوب إلى صعدة, مديرا ظهره للحقوق والمطالب الشعبية.
الرئيس الذي لا يعزم في قضايا معلقة منذ عام, واضعا بلده تحت مقصلة الزمن, يخطط وحلفاؤه الرئيسيين (مراكز القوى التقليدية في النظام السياسي اليمني) لإدخال البلد في مرحلة انتقالية جديدة, محفوفة بالأخطار, بجعل مدخلات الحوار مخرجات, فتصير التهيئة محض مصفوفات وصناديق على الأوراق الرسمية لحكومة غير متجانسة تعوزها الصلاحيات.
لم لا؟
إنه الرئيس "الضرورة" لشعب مسكون بالخوف من "الجن الذين لا يعرفهم", وتحاصره أشباح الحروب الأهلية والانفصال والإرهاب والتفكك والعودة إلى ما قبل 2011, ويتهدده الجوع ويتوزع اللصوص الكبار موارده الشحيحة.
وإذا فلتغرب شمس الحوار قبل أن تشرق, ولتكن وثيقة بقوة إلزام دولي, وليذهب اليمن إلى جحيم "الانتقال الثاني" ولتبقى الامتيازات على عهدها في حيازة "أهل القمة"!
أهدر الرئيس هادي, وكل الذين يفرعنوه في "اصلاحية موفنبيك", اصلاحية الـ 5 نجوم وال500 ـ نيزك, الوقت ليفرضوا علي اليمنيين وثيقة الأمر الواقع, متذرعين بالمواعيد الانتقالية والدستورية (الدستور يظهر هنا مجددا بعد طول غياب), الوثيقة التي ستكرس منطق الغالب والمغلوب, وستستدعي العنف (وربما الفتاوى) لإكراه فئات من اليمنيين (وبخاصة في الجنوب) على القبول بها.
حذرت مرارا من خطورة الانسياق لمنطق اطراف المبادرة الخليجية (وبخاصة رموز تحالف حرب 1994), وها هو بلد "الحكمة" ينزلق جراء تقاعس ودونية كثيرين مشاركين في الحوار الوطني, إلى "الهاوية الانتقالية الثانية", بينما يفاخر الجميع, ذئاب وأرانب ومبعوثين اقليميين ودوليين, بمصفوفة بلهاء يقولون إنها تهيئ لقبول الجنوبيين بنتائج حوار لم يبدأ فعليا.
الجميع يستعجل الخاتمة الرديئة لحوار افتراضي صمم مدخلاته ومخرجاته معمرون لا يستعجلون كتابة مذكراتهم!