أردوغان يكمل استعداداته للخروج كأول الفائزين من "غزوة حلب" وما بعدها
الأتراك هم أصحاب السيطرة الإستراتيجية على هيئة فتح الشام ، وما زالوا يحتفظون بكل قوات الجيش السوري الحر دون الزج بها في أي معركة.
*- شبوة برس - العرب
أنقرة – يتهيأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخروج كأول الفائزين من نجاح المسلحين الإسلاميين في “غزوة حلب” وما بعدها، من خلال الظهور بمظهر المستعد لرعاية انتقال سياسي هادئ في سوريا ووضع بلاده على الذمة، وفي الوقت نفسه الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد من أجل القبول بـ”حل سياسي” وبـ”شكل عاجل”.
وسواء توقف زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني عند حد جغرافي واضح أو قرر المضي قدما وخوْض “غزوة دمشق”، فإن الأتراك هم أصحاب السيطرة الإستراتيجية على هيئة تحرير الشام وكوادرها وأفرادها، وما زالوا يحتفظون بكل قوات الجيش السوري الحر دون الزج بها في أي معركة، وينتظرون نتائج الخطوات القادمة بعد سقوط حماة، واحتمال إطلاق الهيئة هجوما آخر على حمص وريفها، لتبقى دمشق “القلعة” الأخيرة في الجغرافيا السياسية السورية خارج منطقة الانتشار التقليدي الطائفي بين السنة والعلويين على وجه الخصوص، وتترك مرحلة السيطرة على منطقة الساحل السوري من اللاذقية شمالا وصولا إلى وادي خالد والحدود اللبنانية جنوبا، كخيار تسوية سياسية لمرحلة ما بعد الأسد بدلا من حرب مدمرة بين أقليات طائفية ودينية وعرقية.
ودعا أردوغان الرئيس السوري إلى إيجاد “حل سياسي” للوضع في سوريا “بشكل عاجل”. وقال خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “يجب على النظام السوري أن يتفاعل بشكل عاجل مع شعبه من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل،” بحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية.
أنقرة ستعمل على توظيف التطورات العسكرية التي تشهدها سوريا في محاولة التضييق على الأكراد ومنعهم من توسيع نفوذهم
ومن الواضح أن الخطاب التركي يحمّل الأسد أمام غوتيريش مسؤولية الأزمة السورية، ويطالبه بتقديم تنازلات عاجلة، بمعنى أن عليه قبول حوار من موقع الضعيف أمام قادة المجموعات المسلحة، وبالأساس الجولاني ليكون شريكا في الحوار.
ويستغل الرئيس التركي الوضع العسكري الذي لا يخدم مصلحة الأسد، وفي ظل غياب دعم روسي وإيراني فعال إلى حد الآن، ليذكّر الرئيس السوري بأنه يدفع فاتورة رفضه نداءات أنقرة لأجل التطبيع.
ويحرص أردوغان على الإيحاء بأن تركيا التي “لا دخل لها في ما يجري بسوريا” حريصة على مرافقة الانتقال السياسي في الجارة الجنوبية، وطمأنة الأمين العام للأمم المتحدة بأن “التغيير” الذي يجري في سوريا يتم بهدوء، وذلك للرد على مخاوف عدة دول من خطر سيطرة
ويكمل أردوغان جهود الجولاني في طمأنة الخارج بأن المعارك تستهدف نظام الأسد فقط ولن تكون لذلك تأثيرات على الإقليم. وقالت الرئاسة التركية إن أردوغان أبلغ غوتيريش بأن مرحلة جديدة “تتم إدارتها بهدوء” في الصراع السوري.
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية على منصة إكس قال أردوغان لغوتيريش إن الحكومة السورية بحاجة إلى التواصل بسرعة مع شعبها للتوصل إلى حل سياسي، مضيفا أن تركيا تعمل على تهدئة التوتر وحماية المدنيين وتمهيد الطريق لحل سياسي.
لكن خطاب الطمأنة الموجه إلى الخارج بشأن استيلاء المسلحين الإسلاميين على حلب وحماة لا ينطبق على تخويف أنقرة من إمكانية استفادة أكراد سوريا من التطورات الميدانية.
وقال مجلس الأمن القومي التركي الذي عقد برئاسة أردوغان الخميس إن تركيا لن تتسامح مع التنظيمات الإرهابية التي تحاول استغلال الاضطرابات في سوريا. وشدد البيان على أن القوات التركية ستقضي على أي تهديد يستهدف أمن البلاد القومي.
ويقول مراقبون إن أنقرة ستعمل على توظيف التطورات العسكرية التي تشهدها سوريا في محاولة التضييق على الأكراد ومنعهم من توسيع نفوذهم.
ويراهن الأتراك على استلام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في يناير لبدء مرحلة جديدة من التضييق على الأكراد، خاصة إذا قررت واشنطن الانسحاب من سوريا، كما سبق أن تعهد ترامب بذلك.
ودفعت تركيا الأحد بالجيش الوطني السوري، وهو جماعة معارضة سورية مسلحة مدعومة من تركيا، إلى التحرك لمنع محاولة من جماعات كردية لإقامة ممر يربط منطقة تل رفعت بشمال شرق سوريا بعد أن سعت هذه الجماعات، ومن بينها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية السورية، لاستغلال انسحاب قوات الحكومة السورية من بعض المناطق في شمال البلاد لتوسيع مناطق سيطرتها.
والمنطقة التي كان سيقيم فيها مسلحون أكراد ممرا كانت ستربط مناطق في شمال شرق سوريا يسيطر عليها الأكراد بتل رفعت وهي منطقة إستراتيجية تقع شمال غربي حلب.