لقاء الخصوم والأعداء يعبر عن الشجاعة والقوة، ولا يعبر عن الضعف، ويدل على الحكمة والحنكة. ولا يعني بالضرورة أن أحد الأطراف قد تنازل عن أهدافه أو مبادئه أو قضيته لصالح الطرف الآخر؛ بل على العكس، فإن الاستعداد للحوار والتواصل يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز المواقف.
وفي هذا السياق،فقد التقى عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مؤخرًا بقادة حزب الإصلاح اليمني، الذي يُعارض استقلال الجنوب وعلى الرغم من أن البعض اعتبر أن هذا اللقاء لا بخدم الجنوب وقضيته، ويُعتبر دعمًا لحزب الإصلاح المناهض للاستقلال، فإن هذا التقييم يبدو مجحفًا وغير مستند إلى أسس منطقية.
فهل يُفترض بعيدروس الزبيدي أن يمتنع عن اللقاء بقادة وممثلي حزب الإصلاح لتحقيق هدف استقلال الجنوب؟ وهل يعني اللقاء مع حزب الإصلاح أنه قد تخلى عن القضية الجنوبية لصالح الوحدة؟ إن استنتاجات من هذا النوع تبقى بعيدة عن الواقع.
يمكن أن يكون هذا اللقاء في صالح الطرفين، إن لم يكن لصالح الجنوب. إلا ان هناك من استغل هذه الفرصة للتشكيك في نوايا عيدروس الزبيدي تجاه القضية الجنوبية، في حين أن هذا اللقاء يعكس ضرورة سياسية تقتضيها الظروف، ويجب النظر إليه من منظور مختلف. فقبول عيدروس الزبيدي بمقابلة قادة حزب الإصلاح لا يعني بأي شكل من الأشكال تنازله عن القضية الجنوبية، بل هو في صالحها.
الحقيقة أن قبول قادة الإصلاح بمقابلة عيدروس الزبيدي يُعَدُّ اعترافًا بالمجلس الانتقالي وبقضية الجنوب التي يتبناها، وليس العكس. وبالتالي، فإن هذا اللقاء يُعتبر إنجازًا سياسيًا للمجلس الانتقالي، ويُظهر عمق التفكير الاستراتيجي في التعامل مع التحديات الراهنة.
حافظ الشجيفي