كلمة في يوم الطوفان

2024-10-08 02:52

 

هتكلم مع حضراتكم بعيدا عن العواطف والأهواء، وسأحدثكم بكثير من الوقائع والأدلة، الغرض منها بيان طبيعة ومستقبل الحرب بالعموم والقضية الفلسطينية بالخصوص، وسأجمل مقالي في بضعة نقاط متصلة، بأسلوب بانورامي كما هو معتاد..

 

وقبل البدء أرجو نشر هذا المقال على أوسع نطاق ممكن، في وسائل التواصل والصحف لأهميته في وضع النقاط على الحروف...

 

أولا: الذين يستعجلون النصر من أي جهة سواء في إسرائيل أو المقاومة (يمتنعون) هذه الحرب طويلة، واستعجال نتائجها نوع من الجهل والتعصب، كذلك الذين يقيسون النصر والهزيمة بالخسائر المادية والبشرية أيضا (يمتنعون) فالحروب هي صراع إرادات، أي إرادة تتفوق وتفرض نفسها على الخصم هي المنتصرة حتى لو كانت أكثر خسائر، والعكس صحيح..

 

ثانيا: المقاومة الفلسطينية منذ أول يوم لم تحارب إسرائيل وحدها، بل أمريكا ومجموعة السبع وحلف الناتو، شكلت مجموعة السبع غطاءا سياسيا للاحتلال، ودعمته بالسلاح حتى بلغ الدعم العسكري لإسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 100 ألف طن، وهو معدل يماثل 4 أضعاف عملية "عشب النيكل" التي زودت بها أمريكا إسرائيل عام 1973 في حربها ضد مصر وسوريا..

 

أكثر من 500 سفينة ومئات من رحلات الطيران من الغرب لإسرائيل طوال عام، هي السر في توحش إسرائيل الحالي في #غزة ولبنان

 

ثالثا: قضية امتلاك السلاح هي الأساس ليس فقط في الحروب، ولكن في فرض الإرادات والتأثير على ملفات الاقتصاد والاجتماع والسياسية والثقافة والدين..إلخ، تخيل روسيا كانت تنتفض إذا علمت بأن حلف الناتو ينقل صواريخه لبولندا، أو أمريكا تصنع صواريخ بمديات أكبر وأوزان أثقل، أو علمت بتصنيع طائرات شبحية لا يمكن للدفاع الجوي الروسي إسقاطها، لعلمها أن تفوق الغرب عسكريا سيؤثر على المجتمع الروسي بالكامل سلبيا..

 

روسيا صنعت s400 مخصوص ضد الشبحي الأمريكي، وصنعت صواريخ الفرط صوتية مخصوص من أجل التفوق وفرض إرادتها على الغرب، بينما في منطقتنا العربية علمنا جيدا أن إسرائيل ستمتلك طائرات f 35 الشبحية ولم نتحرك، علمنا أنها تصنع صواريخ أريحا البالستية طويلة المدى ولم نتحرك، علمنا أنها تطور دفاع جوي صواريخ آرو والقبة الحديدية ولم نتحرك، هذا السبب الرئيسي في الفوضى الحالية بالشرق الأوسط، أن قرار الحرب وامتلاك القوة في يد (جهة واحدة) ويفسر ذلك الصمت المخزي أمام جريمة الإبادة التي تحدث لشعبين عربيين..

 

رابعا: طوفان الأقصى لا يمكن فهمه وفقا للحيز الجغرافي لفلسطين، فمنذ أول يوم قلنا أنه سيؤدي لحرب طويلة وواسعة خارج فلسطين إذا لم يتوقف إطلاق النار، والعهدة في ذلك أن دلاته الدينية في اختيار الإسم، هي المعادل العقائدي للدلالة الدينية في اختيار الإسم الصهيوني للأٌقصى وهو "هيكل سليمان" فالذي يعيب على الطوفان لفظه الديني، من الأولى أن يعيب أيضا على إسرائيل لفظها الديني، هذا الطوفان مجرد رد فعل ديني إسلامي على تطرف صهيوني..

 

خامسا: من كان يصدق أن إيران تضرب إسرائيل مرتين إحداها تدمير 3 مطارات جزئيا، والقضاء على جزء مهم من سلاح الجو الصهيوني الذي كان يعربد ليل نهار قبل 1 أكتوبر، ومن كان يصدق أن اليمن والعراق يقصفون تل أبيب بشكل يومي؟..

 

ومن كان يصدق أن إسرائيل تعيش منذ عام أطول فترة طوارئ في تاريخها، حيث انتقلت المعركة لأول مرة منذ إنشاءها إلى أرضها ومدنها ومستوطناتها..هذه من نتائج الطوفان التي لم تنتهي، وعلى ما يبدو أنه لا زال يحمل كثير من المفاجآت..