علامات لا يمحوها الزمن.. كيف غير 7 أكتوبر السياسة الأمريكية؟

2024-10-07 13:46
علامات لا يمحوها الزمن.. كيف غير 7 أكتوبر السياسة الأمريكية؟
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

*- شبوة برس – العين الاخبارية

خطوط لا يمحوها الزمن، رسمتها أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، على أوراق السياسة الأمريكية؛ سواء الداخلية أو الخارجية.

 

وبعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالوقوف إلى جانب إسرائيل.

 

وعلى مدار عام كامل، أثبتت الحرب المستمرة، الدور الوجودي الذي تلعبه الولايات المتحدة في بقاء إسرائيل، لكنها أدت أيضًا إلى إجهاد التحالف بشدة وكشفت عن واحد من أعمق الانقسامات السياسية في أمريكا قبل الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، وفق شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.

 

وحولت هجمات حماس التوازن الاستراتيجي ليس فقط في الشرق الأوسط بل أطلقت العنان للاضطرابات السياسية على بعد آلاف الأميال.

 

 

 

 

عسكريًا، نفذت الولايات المتحدة وحلفاؤها عمليات غير مسبوقة مرتين لحماية إسرائيل من وابل من الصواريخ والمسيرات من إيران، كما قصفت بشكل متكرر الحوثيين في اليمن الذين شنوا هجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر.

 

ووسط المخاوف في واشنطن من اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، تم التأكيد بشكل مأساوي على ضعف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة في يناير/كانون الثاني الماضي عندما قُتل 3 جنود أمريكيين في هجوم على قاعدة في الأردن.

 

وفي الولايات المتحدة، تزامنت تداعيات 7 أكتوبر/تشرين الأول مع الانتخابات الرئاسية حيث أبرزت الاحتجاجات في الجامعات، الانقسامات في الحزب الديمقراطي الذي شهد اضطرابات سياسية غير مسبوقة مع انسحاب جو بايدن من السباق ودعمه لترشح نائبته كامالا هاريس قبل أشهر قليلة من الانتخابات.

 

واستمر تأثير الأحداث في الشرق الأوسط على السباق الجديد بين هاريس وخصمها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.

 

السياسة الخارجية الأمريكية

وتواجه السياسة الخارجية الأمريكية تحديا هائلا، حيث حطم الهجوم الإسرائيلي على غزة والذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، آمال الولايات المتحدة في حل الدولتين وذلك في الوقت الذي يتفكك فيه النظام العالمي الذي تقوده واشنطن في ظل التحديات من روسيا والصين.

 

في حين يهدد التصعيد الإسرائيلي في لبنان بتوريط واشنطن وإشعال فتيل صدام مباشر مع إيران، وفق "سي إن إن".

 

ورغم عقود من التأييد القوي، لم يمنع سجل بايدن الشكوك المتزايدة والخلافات مع الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية في التاريخ؛ إذ رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر من مرة محاولة الرئيس الأمريكي التخفيف من التكلفة المدنية للحرب في غزة.

 

كما تجاهل نتنياهو أولويات واشنطن، فعانت إدارة بايدن من تآكل كبير في سلطتها على الساحة الدولية، وتعرضت أولويات سياستها الخارجية للتهديد.

 

ولم تسفر أشهر من الدبلوماسية المكوكية الأمريكية التي شارك فيها وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز ومسؤولون كبار آخرون إلا عن تقدم محدود في تحرير الرهائن الإسرائيليين في غزة، ويبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار أصبح أبعد من أي وقت مضى.

 

وفي كثير من الأحيان، بدا أن الولايات المتحدة تريد اتفاقًا أكثر بكثير من نتنياهو أو زعيم حماس يحيى السنوار.

 

وتضررت مصداقية بايدن الشخصية بسبب تحدي نتنياهو الذي لم يتردد في التدخل في السياسة الداخلية الأمريكية وسط تفضيل واضح للجمهوريين

 

الانقسامات الأمريكية

 

تسببت اللقطات المروعة من غزة لأطفال ومدنيين فلسطينيين قتلتهم إسرائيل، رد فعل عنيف معاد لها داخل تيار اليسار وهو ما خلق ضغوطًا سياسية خطيرة على بايدن ثم هاريس.

 

وأدى غضب التقدميين تجاه إسرائيل وفشل إدارة بايدن في كبح جماح نتنياهو إلى انقسام داخل الحزب الديمقراطي.

 

ورفض آلاف الناخبين الأمريكيين من أصول عربية وغيرهم من الناخبين في دعم بايدن في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية ومن المحتمل أن يمتنع هؤلاء عن المشاركة في الانتخابات الشهر المقبل أو أن يصوتوا لحزب ثالث خاصة في ولاية ميشيغان المتأرجحة الأمر، ما قد يحبط آمال هاريس في الفوز.

 

وقاطعت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين بايدن أكثر من مرة وواجهته لافتات كتب عليها "جو الإبادة الجماعية"، في إشارة إلى فشله في بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين الفلسطينيين.

 

والآن، تكافح هاريس من أجل تحقيق التوازن بين التركيز على أولويات السياسة الخارجية الأمريكية ودعم إسرائيل وبين تهدئة الاضطرابات داخل الحزب الديمقراطي حول الحرب، وهو ما دفعها للسفر الأسبوع الماضي إلى ميشيغان للقاء زعماء عرب أمريكيين.

 

تحالف ضمني

لطالما كان نتنياهو لاعباً بارعاً في السياسة الأمريكية، لكن تحركاته الماكرة للبقاء في السلطة وصلت إلى مستويات جديدة خلال العام الماضي، حيث وجد مصلحة مشتركة مع الجمهوريين الذين سعوا إلى استخدام الحرب لإلحاق الضرر ببايدن قبل الانتخابات.

 

ويبدو أن نتنياهو يعول على عودة ترامب الذي استوعب خلال ولايته الأولى سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي واستخدم الحرب لدعم روايته بأن العالم يتجه لحرب عالمية ثالثة تحت إشراف الديمقراطيين.

 

ومؤخرا، اشتد الانقسام الأمريكي حول رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني حيث يعتقد العديد من أنصار نتنياهو في الولايات المتحدة أنه بعد الحملة على حزب الله لن يكون الوقت أفضل أبدا لإسرائيل للقضاء على البرنامج النووي الإيراني الذي تقول واشنطن إنه يقترب من تصنيع قنبلة.

 

ووسط التساؤلات حول قدرة إسرائيل على عرقلة البرنامج النووي الإيراني، يخشى الخبراء أن يؤدي هجوم إسرائيل إلى إطلاق العنان لحرب مروعة تجر الولايات المتحدة.

 

ويبدو أن ترامب، الذي يسعى إلى تصوير بايدن وهاريس على أنهما ضعيفان، يحث نتنياهو على المضي قدمًا.

 

ماذا بعد؟

سيرث الرئيس الأمريكي الجديد واحدة من أخطر الأزمات التي يواجهها رئيس جديد، وإذا فازت هاريس، فستضطر إلى رسم سياستها الخاصة بعدما التزمت بنهج بايدن، ومن المرجح أن تواجه نفس الاختبارات لسلطتها ومضاعفات الصدام بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية التي أزعجت بايدن في ظل تضاؤل فرص إنهاء الحرب قريبا.

 

أما إذا فاز ترامب فإن رفضه لتورط الولايات المتحدة في الحروب الخارجية خاصة في الشرق الأوسط قد يعني أنه أقل انفتاحًا على التصعيد.

 

وأيا كان الفائز فإن الولايات المتحدة ستظل متورطة بعمق في الحقائق الجديدة في الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.