تصفية أمين عام حزب الله رسالة قوية إلى خصوم إسرائيل.
*- شبوة برس – صحيفة العرب
- يفوق تأثير اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أيّ اغتيال أو تصفية طالت قيادات أخرى من الحزب أو من حماس.
وخسر حزب الله أكثر من مجرد قائده وملهمه الروحي، بل كل من يمكن أن يوجهه سياسيا أو عسكريا، ومن الصعب إيجاد قائد بديل بنفس المواصفات.
وتحمل تصفية نصرالله، بعد أسابيع من مقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، رسالة قوية إلى من يقفون بوجه إسرائيل من أذرع إيران في اليمن أو العراق أو في غزة.
وطبع نصرالله هوية الحزب، وبات عنوانه الأبرز خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد حرب 2006، فهو خطيب ومحلل للأخبار، وشخصيته نجحت في استقطاب فصائل سنية فلسطينية ولبنانية بالرغم من سيطرة الطائفية على أداء الحزب في تدخله بسوريا أو في مواقفه مما يجري في اليمن والبحرين.
ونجح خطاب نصرالله في بناء حاضنة داخل لبنان من الشيعة والمسيحيين والدروز ومجموعات سنية صغيرة، كما استقطب جمهورا عربيا أغلبه من تيارات يسارية وقومية رأت فيه معوضا لفشل نظرياتها وخططها.
وأعلن حزب الله السبت في بيان نبأ مقتل نصرالله الذي كان له وقع الصاعقة على أنصاره، والذي يثير مخاوف حتى بين خصومه من التداعيات التي يمكن أن يتسبّب بها على المنطقة.
وقال الحزب “التحق سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحوا من ثلاثين عاما”.
وفي ما لوحت إسرائيل بأنها لن تتوقف في مسعاها لضرب الحزب، وصف الرئيس الأميركي جو بايدن قتل إسرائيل نصرالله بأنه “إجراء عادل” بالنظر إلى العديد من ضحاياه، وقال إن الولايات المتحدة تدعم تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الجماعات المدعومة من إيران.
وقال بايدن إنه وجه وزير الدفاع لويد أوستن لتعزيز الموقف الدفاعي للقوات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط لردع العدوان والحد من خطر اندلاع حرب أوسع نطاقا.
واستهدفت غارة إسرائيلية السبت عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق في ضاحية بيروت الجنوبية، وفق ما أفاد مصدر مقرب من الحزب، على وقع تجدد الغارات على مناطق لبنانية عدة.
ويعتقد مراقبون أن نجاح إسرائيل في تصفية نصرالله بعد مقتل غالبية القادة العسكريين للحزب وتصفية هنية سيعطيها دافعا قويا للاستمرار في تنفيذ هجمات مماثلة في أماكن أخرى بما في ذلك داخل إيران، واليمن وسوريا والعراق، وأنها قد تكون وضعت قائمة من مسؤولي مختلف الفصائل والقادة البارزين لتصفيتهم، ما يجعل الاستعراضات الكلامية أمرا محسوبا خاصة لدى الحوثيين.
ومنذ العام 2006، تاريخ الحرب التي خاضها حزب الله مع إسرائيل، لم يتعدّ عدد المرات التي ظهر فيها حسن نصرالله علنا أصابع اليد الواحدة، مثل تلك التي فاجأ فيها الآلاف من أنصاره في العام 2011، خلال مسيرة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت ومشى بينهم لدقائق قليلة، قبل أن يعود ليخطب فيهم عبر شاشة عملاقة ويقول إن حزبه “يزداد تسليحا وتدريبا يوما بعد يوم”، و”المقاومة ستبقى وتستمر” في وجه إسرائيل.
وبين الحين والآخر، كانت تنشر له صور مع قياديين من “محور المقاومة” الذي تقوده إيران والذين يزورون لبنان، وكان يتحدث بانتظام في مناسبات عدة دائما عبر الشاشة وغالبا أمام الآلاف من مناصريه الذين تتعلق أنظارهم به ويقاطعونه بالتصفيق والهتاف “لبيك نصرالله”.
وروى مسؤولون وصحافيون التقوا به خلال السنوات الأخيرة أنهم لم يعرفوا المكان الذي اقتادهم إليه عناصر أمن الحزب وسط تدابير مشدّدة وفي سيارات أسدلت على نوافذها ستائر سميكة.
ويقول عارفوه وخبراء يتابعونه إن رجل الدين المعمّم الذي غزا الشيب لحيته الكثيفة، كان حاد الذكاء ومتبحرا لاسيما في الشؤون الدينية والسياسية. وهو خطيب مفوّه وفصيح قادر على التحدث لوقت طويل من دون أن يتردّد أو يتلعثم.
أما خصومه فينتقدون لهجة التحدّي التي يتكلّم بها والتي تقترن غالبا برفع سبّابته اليمنى، ويعتبرونها ترهيبا للداخل اللبناني.
وأحاطه مناصروه بهالة إلى حدّ ظنّ كثيرون أنه لا يُمسّ. ويلقبونه بـ”السيد” لنسبه المتحدّر من سلالة النبي محمد، أو “أبوهادي” باسم ابنه الأكبر الذي قتل عام 1997 خلال معارك مع القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل جنوب لبنان.
اتهمه خصومه السياسيون في لبنان بالارتهان لإيران والتحكّم بقرار السلم والحرب في البلد مهمشا الحكومات اللبنانية.
انتخب نصرالله أمينا عاما للحزب في 1992 بعد اغتيال إسرائيل سلفه عباس الموسوي مع زوجته وطفله وأشخاص آخرين في غارة جوية في جنوب لبنان في فبراير من العام ذاته.
في عهده، طوّر حزب الله قدراته العسكرية بدعم رئيسي من طهران التي تمدّه بالمال والسلاح. وبات يمتلك أسلحة دقيقة متطورة يؤكد أنها قادرة على أن توجه ضربات موجعة لإسرائيل.
وكان نصرالله يقول إن حزبه يضمّ 100 ألف مقاتل. ويملك الحزب مؤسسات تربوية واجتماعية وصحية تؤمن خدمات لأنصاره وتحصّن شعبيته.
لم يكن نصرالله يتكلم كثيرا عن حياته الخاصة، هو المولود في حي شعبي ببرج حمود في الضاحية الشمالية لبيروت في 31 أغسطس 1960. وكان واحدا من تسعة أبناء لأسرة متواضعة نزحت من بلدة البازورية في جنوب البلاد.
تلقى العلوم الدينية لمدة ثلاث سنوات في حوزات النجف الأشرف قبل طرده في عام 1978 عندما قمع الرئيس السابق صدام حسين النشطاء الشيعة.
انخرط في النشاط السياسي واكتسب خبرة في صفوف “أفواج المقاومة اللبنانية” (حركة أمل)، لكنه انفصل عنها مع العديد من زملائه عام 1982 وشارك في تأسيس حزب الله، إذ تولى مسؤوليات شملت تعبئة المقاومين وإنشاء الخلايا العسكرية. وتدرج في المهام وصولا إلى الأمانة العامة.