انهم يتاجرون بنا وبالاسواق الخانقة يتم عرضنا على الكراسي ليوهمونا اننا ذو شأن ولكن في حقيقة الامر سلعة قابلة للزيادة او الخفض حسب العرض، استرخصونا بكلمات منمقة بالوعود لاجل التوقيع على الاتفاق الذي نجهله خلف الستار، نثبته بالتوقيع على الحضور ، ورقة تدور وقلم على التوقيع مجبور، ربما لم نكن نعي ان الطعم المطعم بالحلويات اصطياد اعطي من التهذيب والتذييل شأن للرضاء والقبول لبلع الطعم كله حتى لا يكون لك مكان ولا مقام الا ما أتيت إليه من أجله وانت لا تدري، ولذا فالداء الذي دعيت لفحصه مازال ينزف فلا مختبر ولا طبيب ولا دواء بمشفاك. لم نرى الا وطن استهوته الشياطين، حيث كثرت عزائمه وتلذذت ايادي الذبح بالسكاكين، ومن قرقعة الصحون لم تسمع صرخات المساكين وكأنها أريد لها ذلك، فالجميع خارج التغطية بين مشغول أو مغلق الآذان.
مشاكلنا حصرت من لا يتبعني خائن أو مرتزق مما نتج عنه المزيد من التكويم وبالتالي الى تعليق المشاكل وتعويمها بين ذا وذاك ويبقى الغرق للشعب بين جائع ومتسول وسارق ومخدر وقاتل وحكم بالاعدام مظاهر لها اسبابها لا تبشر بالخير ابدا.. نعيش الكذب والنصب.. سياسة مرسومة على البقاء بعدم الامن والاستقرار، وحياة قائمة على العشوائية والتخبط مما ينذر على خلق بؤر للصراعات لا أحد فيها منتصر غير قوى الشر من محتل فيه من الدهاء والمكر ما يكفيه ان يجعل النصر بيده يصنعه له كيفما يشاء له.. ولنا فقط موائد بقنوات التواصل بين مخيط وناقض له.
أصبح المرء فينا لا يفكر الا بقوت يومه وسعر العملة، ويخاف من انقطاع الديزل وما يترتب عليه من استغلال وتوقف الحياة ومزيد من الاحباطات النفسية والمعاناة اكثر من خوفه على مستقبل الاجيال القادمة على اي شكل يكون. فهل رأيت حصارا اكثر من هذا؟ ومن إنعزال عن العالم بما يجري؟ ومن احتلال اخطر؟ فنحن نعيش الكارثة منذ عام 1990 التي صنعناها لاننا لم نفهم معناها ولم يسبق لأحد ان كتبها، واليوم نتحدث عن الخطر والمخاطر ودرء المخاطر ولكننا لا نستطع صدها، فكيف بنا ان نبني لنتعافى والاستثمار معه نحن في عداء؟ لن تجد الوقاية مالم تتأهب، فكل مرتبط بالآخر.. اننا نعيش التخبط وحب الملكية فكيف لنا القيام بادارة مخاطر الكوارث، والوحدة مع اليمن اكبر كارثة صنعناها نحن بأيدينا؟ فمتى تكون الاستجابة منا لاقتلاعها؟ لم نكن نعرف عن المنظمات الدولية اطلاقا من قبل.. ولم نكن نعرف عن السلع الغذائية المهينة، فالتسول عندنا عار والتعاون بيننا دين واعراف واليوم تأتينا المنظمات الدولية من هنا وهناك باسم الاستغاثة ولكنها تنتهك السيادة، مفارقات لا يفهمها الا من له دراية وخبرة في نشاطها، فالوسيلة تبرر الغاية منها، فكيف بالله تكون الاستغاثة لشعب يمتلك كل مقومات الحياة المعيشية الكريمة؟ ماالذي جعلت دول الجوار عزيزة بعدما كانت صحراء جرداء يجوبون البحار بينما كنانحن نعيش حياة افضل بكثير مما هم عليه؟ ماالذي جعلت عدن شاردة بعدما كانت جاذبة؟نتقبل الاهانة بالداخل والغربة؟ أسئلة لا شك انها قاسية لا تولد الا جوابا أقسى منها.. فمتى نراجع أنفسنا لنسترد عقولنا لنحصل على العلاج الشافي بدلا من ان نمد أيدينا لمن يعطينا؟
لهذا نبكيك ياوطني.. برغم القسوة لن نتركك ياوطني، وسيبقى الجنوب بالتاريخ شامخا لن تمحيه تعرية الرياح مهما يكون.