لو جاز لي القول بفائدة واحدة لطوفان الأقصى
فأعظم ما أوجده هذا الطوفان هو القضاء نهائيا على فكرة (محور الاعتدال السني ومحور الإرهاب الشيعي) وهي الفكرة التي دعمتها إسرائيل والولايات المتحدة من العام 2006 حتى عام 2020
حوالي 14 عام أنفقت الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض القوى الغربية لتعزيز وترسيخ هذه الفكرة التي تتهم السنة بموالاة إسرائيل تحت ستار الاعتدال..وتحرضهم على الشيعة بتهمة الإرهاب مما خلق لدينا واحدة من أعظم الفتن الطائفية بين المسلمين في التاريخ قديما وحديثا أدت لقتل الملايين وتشريد عشرات الملايين وتدمير بعض الدول والجيوش..
شارك في هذه المعركة الصهيونية البلهاء سياسيون ورجال دين ومثقفين من كلا الطائفتين..
كنا نصرخ في أرض فلاة وقتها أن هذا الاقتتال الديني بين المسلمين هو مشروع صهيوني لمصلحة إسرائيل، وهي التي تنفق عليه مع حلفائها..وأن الله لا يرضى بما يحدث والإسلام برئ مما تدعونه عليه..
كان يتم السخرية منها واتهامنا بالرجعية وأننا لسنا مع التقدم الذي يعني في أذهانهم نصرة إسرائيل وتصويرها بشكل جيد..
عاشت إسرائيل عصرها الذهبي خلال تلك الحقبة ، 14 عام كان ينعم فيها الإسرائيليون بالأمن والصورة الجيدة لأول مرة منذ إنشاء دولتهم في الأربعينيات..في ظل قضمهم للأراضي وبناء المستوطنات وسرقة الفلسطينيين والسوريين، وقتل المقاومين وعائلاتهم في الشقق السكنية دون رادع أو أدنى مقاومة..
شارك في هذه الحملة الصهيونية البلهاء والتي تهدف للاقتتال الديني بين المسلمين..
1- رجال دين..وكانوا أكثر الفئات تأثيرا
2- سياسيون..وهؤلاء حشدوا الأحزاب لدعم الفكرة وترسيخها على المستوى السياسي..
3- إعلاميون ومثقفون..وهؤلاء حشدوا فئة الأدباء والشعراء والكتاب للدعاية وتخديم الفكرة، بأن العدو الحقيقي لهم مسلم عربي يدين بمذهب آخر وليس الصهاينة المسالمين..
كانت من نتيجة هذه الحقبة ظهور فئة ما تسمى (بالصهاينة العرب) وهؤلاء وصفتهم سابقا بأنهم نتاج لهذه الحقبة الرديئة، ثقافة تكونت على مدار 14 عام كانت كفيلة بتحويل الذكي إلى غبي، والعاقل إلى مجنون، والمسالم إلى عدواني، والمتسامح إلى إرهابي..
في الواقع كانت هذه الفكرة التي قسمت الدول العربية إلى محاور دينية هي كانت تقسمهم لمحور صهيوني ومحور آخر مقاوم...والعديد من الشعوب والدول رفضت هذا التقسيم منذ بداية ظهوره وانتبهت لخطورة تصنيف العرب لمثل هذه التوصيفات الدينية التي من الواضح أنها لا تخدمهم بل تخدم أعدائهم..
بدأ العرب في الاستفاقة منذ أحداث الشيخ جراح عام 2021 وساعد على تلك الاستفاقة القضاء على داعش وتنظيم القاعدة الذين كانوا يمثلون الذراع العسكري لإسرائيل والمحور الصهيوني لضرب وتدمير الجيوش العربية..
كانت مصر أحد أهدافهم الكبرى..
كانت الخطة تجري على قدم وساق لتدمير جيش مصر بعدما رفض الانسياق للحرب الدينية في سوريا والعراق..
منذ القضاء على داعش والقاعدة بدأ المسلمون والعرب في الاستفاقة تدريجيا حتى اختتم ذلك بطوفان الأقصى، الذي أزعم أنه أعاد توحيد الشعوب العربية لثقافة المقاومة التي كانت سائدة منذ الثلاثينيات حتى الستينيات من القرن العشرين...
الزمن لا يعود إلى الوراء خصوصا مع قبح التجارب، ومن علم يقينا بأن زرع الفتنة الدينية بين العرب باسم المذاهب كان لصالح إسرائيل في الماضي، لن يقع في نفس الفخ مستقبلا..
التوعية ضرروة حياة...