بالنسبة لشيوخ السلفية الكبار المؤيدين لإسرائيل ضد المقاومة..
الفكرة إن مذهب السلفية المعاصر يعاني من مشكلة منهجية خطيرة جعلت هؤلاء في الصف الموالي لإسرائيل ضد مصلحة العرب والمسلمين..
وهي أنهم يعتقدون بأن:
الفقه واحد
الدولة واحدة
إنما العقيدة والتوحيد ثلاثة
عملت السلفية على توحيد الفقه منذ عصر بن عبدالوهاب، ووهّنت وسخّفت من الفوارق الكبيرة بينهم، مما جعلهم يحتكرون الفقه ولا يعتمدون أي خلاف أو اجتهاد فيه، حتى لو كان قديما..(قصة زكاة الفطر ومذهب أبي حنيفة مثال)
عملت أيضا على توحيد الدولة ونادت بدولة شريعة واحدة لا تعترف بالدول والمجتمعات المعاصرة، وقالت أن هذه الدولة صالحة لكل زمان ومكان فأنكرت ما حدث بعد موت الرسول من انشقاق وفتن، وتصورت أن المسلمين لن يحتربوا على السلطة..
هذا جعلهم يحتكرون السياسة أيضا بعد احتكارهم للفقه..
عملت أيضا على تقسيم التوحيد، فجعلت العقيدة ثلاثة (ربوبية وألوهية وأسماء وصفات) فتساهلت في تكفير الناس على الصغائر، وتوسعوا للغاية في احتكار الدين والعقيدة الإسلامية، وصارت أبواب التكفير واسعة جدا، وإخراج الناس من الملة أسهل من شربة ماء..
هذه المنهجية في التفكير جعلت بأس السلفية شديد على إخوانهم المسلمين، واهتمامهم الأول ينصب على صنع الخلاف الداخلي والمبالغة فيه، والاعتقاد الوهمي بأنه لا معركة مع عدو الأمة قبل تطهير الإسلام من الخونة وفقا لرأيهم..
والخونة عند السلفي ليسوا جواسيس حرب، ولكن المختلفين معه بالرأي سواء في الفقه أو السياسة أو العقيدة بعد تقسيمها..
كافحنا هذه المنهجية الضالة في التفكير على مدار سنوات، وقلنا أن الدولة في الإسلام ليست واحدة، لأنها ليست أصلا دينيا بالأساس بل تجربة حكم خاضعة لكل عوامل القصور البشري، وصمت السلفية عن مناقشة الفتنة الكبرى وتاريخ الخلافات المتعاقبة ساهم عزلتهم عن التاريخ والواقع..
قلنا أيضا أن الفقه ليس واحدا ولا حتى أربعة وخمسة، بل إن باب الاجتهاد مفتوح في الإسلام، ولكل من يملك أدوات الاجتهاد من العلم والعقل والإدراك والحرية أن يقول ما يشاء، ومن حقك الرد عليه أيضا بما تشاء ، وأي محاولة منع واحتكار هنا من أي طرف سوف تؤدي لاستبداد فقهي عانى منه المسلمون على مدار قرون..
قلنا أيضا أن التوحيد ليس ثلاثا، بل واحد فقط، والقرآن لم يقل بهذا التقسيم ولا حتى السنة النبوية بعناصرها، إنما هذا التقسيم كان خصيصة لبعض الحنابلة القدماء ـ وليس كلهم ـ ثم توسع في شرحها وتشريعها ابن تيمية الحراني، وصار مذهبا سلفيا نادرا بين كل عقائد المسلمين من مختلف الطوائف..
المختصر المفيد: أن الذي يدفع كبار شيوخ السلفية لهذا الموقف ليس فقط مذهب طاعة الحاكم، لأن كل حكام المسلمين حاليا ضد إسرائيل فلا حجة يستندون عليها لشيطنة المقاومة، إنما هي منهجية تفكير أحدثت خللا بالأولويات..
فصار العدو الأول للأمة في المرتبة الثانية أو الثالثة أو هو ليس عدوا أصلا عملا بمذهب الصلح مع اليهود الذي أجاز لنفس هؤلاء الشيوخ الفتوى بالتطبيع مع إسرائيل..
بينما صار كل مختلف بالرأي أو معارضا للسلطة في بلادهم هو العدو الأول والذي ينبغي أن توجه إليه طاقات الشباب..
هذا الخلل البنيوي في التفكير لم يصب السلفية من فراغ، بل هو نتيجة عقود من السمع والطاعة، وتحريم الشك والنقد، وشيطنة المخالفين، والتساهل في تكفيرهم..
ومنعا للتعميم ليس كل شيوخ السلفية على هذا المنهج، ولكنه أصاب شريحة كبيرة منهم هي التي تفتي حاليا ضد الشعب الفلسطيني، ويستدل بهم أفيخاي أدرعي والإعلام الصهيوني لشيطنة المقاومة وتبرير المجازر في حق أبرياء #غزة والضفة..
ولو علم هؤلاء كيف أن فتاويهم تستعمل لإبادة الأطفال والنساء والسكان ما فعلوها، أو حكموا ضمائرهم قبل البوح بقناعاتهم السخيفة، لكنها الضمائر الميتة والصراع على الدنيا الذي كان وسيظل هو العامل الأول لفساد وظلم البشر...