كتب زيد الفياض مقدمة جميلة هي:
"كتابة التاريخ لها مقوِّمات وشروط، وبداهةً أنَّ في طليعة مقوماتها الأمانةَ، وتحرِّي الصِّدق، والبحث عن الحقائق.
ومن المؤسِف أن يكون بعض مَن يتصدَّى لكتابة التاريخ غير منصف ولا دقيق، ويظهر الغرض واضحًا فيما يزعمه من تاريخ، وهناك مِن التاريخ الجانب المظلِم، كالذي يتتبع عوارتِ الناس وزلاَّتِهم، ويتشبَّث بالخيوط الواهية، والروايات الملفَّقة؛ للتشنيع والهزء، وإرواء الأحقاد، ويدَّعي أنَّ ذلك تاريخ، وهو السفه والسخافة."
...
المقدمة ليست لي بل لكاتبها لكني بدأت بها لتكون مقدمة لما اريد ان أكتبه.
سنتكلم هنا عن تاريخ الجنوب منذ 1967 الى اليوم
من كتبوا عن تاريخ الجنوب واحداثه في تلك الفترة كتبوا تاريخ غير دقيق ومزور ولم أجد صفحة واحدة تقول الحقيقة وتكتب تاريخ الجنوب بشفافية إنما كتبوا تلميع وتجميل لفترة من أسوأ الفترات التي مرت على الجنوب تقريباً منذ بداية التاريخ البشري.
قبل رحيل بريطانيا من عدن حدثت أحداث وانتفاضات (ولا نسميها ثورات) لكنها جزء من التاريخ تغافل عنها المزورون للتاريخ، وكتبوا عن نضالات فصيل معين "الجبهة القومية" ولم يذكروا ولو بكلمة تضحيات الفصائل المقاومة الأخرى.
نحن نعلم ان الكتاب هم من لون واحد وصنف واحد "الحزب الاشتراكي" وريث الجبهة القومية ولا نلومهم ان لمعوا تاريخهم لكن يجب الا يسمونه تاريخ للجنوب، لا احد ينكر ان الجبهة القومية فصيل جنوبي لكنها ليست كل الجنوب.
ما حدث في أواخر الستينات واوائل السبعينات ما اسموه انتفاضات فلاحية وسحل للعلماء وإخفاء قسري لشخصيات الجنوب لا احد يعلم مصيرهم الى اليوم، لم نقرأ عنه حرفا واحدا يصف ماحدث.
كتبوا عن خصومهم ووصفوهم بالعملاء، مثلاً حركة (20 مارس الرجعية) واليمين الرجعي واليسار الانتهازي وغيرها من تسميات رموز الحزب الاشتراكي لخصومه! هذا ليس تاريخ انما اتهام لو عدنا لاسبابه لوجدناه تنافس على السلطة وقيادة الحزب فقط.
عام 1978 تصدعت الجبهة القومية وانقسمت الى قسمين راح ضحيته سالمين واتباعه نتيجة تنافس على الكراسي تحول الى صراع مناطقي الكل يعرفه.
جاء بعده احداث 82 ابعاد عبدالفتاح اسماعيل من قيادة الحزب وبدأت الانقسامات من جديد وافرزت تيارين (الطغمة والزمرة) في يناير 86 وشهدت عدن تصفيات همجية لقيادة الحزب انتشرت حتى وصلت الى القتل بالبطاقة الشخصية لمواطني بعض المحافظات !! هذا تاريخ يجب ان تعرفه الأجيال في الجنوب.
إن تزوير التاريخ جريمة عظمى يجب محاسبة كل من يقوم بتزويره ولابد من كتابة التاريخ كما هو وكما حصلت احداثة بشفافية مطلقة لأخذ العبرة مما حدث وعدم تكراره.
لقد أخطأ (بل أجرم) الحزب الاشتراكي في الجنوب وشعب الجنوب وعلى من يكتب تاريخ الجنوب ان يوضح كل ما اقترفه الحزب الاشتراكي في الشعب وفي الوطن الجنوبي، وما يعيشه الجنوب من وضع كارثي اليوم هو نتاج سياسة الاشتراكي بعدما باع الجمل بما حمل لحكام صنعاء، ولو لم تكن للحزب سيئة غير هذه لكفت.
شعب الجنوب اليوم يحاول استعادة استقلاله المسلوب والمنهوب من قبل عصابة استلمت الاستقلال من المستعمر البريطاني وسلمت الشعب والأرض لمستعمر جديد (صنعاء).
نعود إلى كتابة التاريخ ونؤكد ان كل ما كتبه مؤرخوا الحزب الاشتراكي والمحسوبين عليه تاريخ مزور تجاهل حقائق تدين الحزب وقيادته خلال 23 عام هي عمر حكمه للجنوب.
وبما ان المنتصر دوما هو من يكتب التاريخ عليه ان يكون منصفا في ما يكتب ويسمي الأشياء بمسمياتها.
عبدالله سعيد القروة
9 يوليو 2024