تسود الساحة الجنوبية حالة من التخبط والتشوُّش والارتباك والقلق الطاغى على المزاج الجماهيري العام ويتسلل إلى جزءٍ غير هَيِّنٍ من الطبقة السياسية الجنوبية بما في ذلك بعض أنصار المشروع الجنوبي، بل وأنصار المجلس الانتقالي الجنوبي بالتحديد.
حالة التشوش والتخبط والقلق هذه، لم تأتِ من فراغ بل إن لها أسبابها العفوية والموجهة.
السبب الرئيس (العفوي) لما يتعرض له العقل السياسي والجماهير الجنوبي، يعود إلى غياب سياسة إعلامية موجهة ومُحْكمة لأهم جسم سياسي جنوبي، اقصد المجلس الانتقالي الجنوبي، وغياب ناطق رسمي يفيد الشارع الجنوبي بسياسات ومواقف المجلس إزاء كل جديد على الساحة ، في ظل الهجمة المتواصلة على الجنوب ومشروعه الوطني وقيادته السياسية.
*****
وفي هذا الإطار وعلى الرغم من تعدد المسميات البحثيةمن مراكز ومؤسسات ومسميات أخرى، فإن مساهمة هذه المؤسسات في صنع المشورة السياسية وتخليق القرار السياسي، تكاد تتسابق على الصفر، ولدى كل واحدة منها مبرراتها وأسبابها، لكن هذا لا يمنع من إعادة مراجعة فعاليتها وجدوى كل منها.
*****
كما يفتقد المجلس الانتقالي إلى محرك بحث إليكتروني خاص به فضلا افتقاده لموقع إلكتروني سياسي-إخباري خاص به، أما الموقع الحالي فلا يمكن اعتباره أي شيء له صلة لا بالإعلام ولا بالسياسة، ولا حتى بالأخبار العادية، إذ يمكث بدون تحديث لأيام وأسابيع متواصلة ليأتي خبر عن اجتماع الهيئة الفلانية أو تصريح لمسؤول انتقالي أو مقالة لأحد أعضاء هيئة الرئاسة، من ذلك الذي تكون كل المواقع قد تناقلته قبل أيام وأحيانا أسابيع.
كل ذلك أفقد المجلس الانتقالي واحدة من ذخائره المهمة وهي صلته بجماهيره وترك جزءً منها ضحية مصيدة التشويش والاستدراج والتضليل واليأس والإحباط
لماذا ولماذا نحذر؟؟!!
****
ما دفعني إلى هذا الحديث هو ما يتسرب من أخبار عن قرب عقد اتفاق بين الشرعية اليمنية والجماعة الحوثية على سلام شامل ينهي الحرب ويرمم الصدع اليمني، كما تقول بعض المواقع المتحمسة للخبر.
****
لست ممن يستعجلون تسجيل المواقف أو بناء الاستنتاجات، لكن تجربتنا مع شرعيات، ٩٤م، ٢٠١٥م ، ٢٠٢٢م ، بل وحتى شرعية ١٩٩٠م قد علمتنا أن الجنوب كان هو الضحية على الدوام، مهزوماً كان أو حتى منتصراً، وحتى تلك الاتفاقات، والمعاهدات التي وقعها ممثلون عن الجنوبيين وممثلون عن تلك الشرعيات ذهبت أدراج الرياح، وكان الجنوب هو الخاسر الأوحد والآخرون هم الرابحون.
*******
أعود إلى مفاوضات مسقط للتأكيد على مل يلي:
أولاً: لا أحد ضد السلام، بل إننا نتمنى لأشقائنا الشماليين أن يؤسسوا لسلامٍ دائمٍ وعادلٍ فيما بينهم، يسمح لهم ببناء دولتهم المعبرة عن كل اطيافهم السياسية ومكوناتهم الجغرافية والديمغرافية والمذهبية بدون استعلاء أو تمييز.
ثانياً: إن ما نحذر منه هو التعرض لحقوق الشعب الجنوبي، أو إدراج مصالحه وحقوقه التاريخية والمستقبلية في اي صفقات لا يكون الجنوب طرفاً فيها، وطرفاً مقرراً وليس مجرد شاهدٍ عليها،.
*******
نقول هذا لأن من يقدم على خطوة كهذه مما يؤدي إلى صفقات لا تحترم حق الجنوبيين سيضع نفسه في مقام العدو الذي تجب مواجهه بكل الوسائل بغض النظر عن موقعه أو لقبه السياسي أو انتمائه الحزبي والجهوي والجغرافي.
فحذار ثم حذار ثم حذار