المنتفعون من الخطاب الديني.. وفيات الحجاج المصريين تسبب صداعا جديدا في القاهرة

2024-06-21 08:56
المنتفعون من الخطاب الديني.. وفيات الحجاج المصريين تسبب صداعا جديدا في القاهرة
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

الحكومة يصعب تحميلها مسؤولية ما حدث وليس باستطاعتها منع سفر أي شخص إلى الخارج إلا بوجود عوائق أمنية أو صدرت بحقه أحكام واجبة.

وضع حد للشركات الخارجة عن القانون

 

*- شبوة برس – صحيفة العرب القاهرة  

أثار وجود المئات من الوفيات بين المصريين خلال أداء مناسك الحج هذا العام التساؤل عن أسبابها، وسط جدل تصاعدت حدته بعد وصول الآلاف من المواطنين إلى الأراضي السعودية دون الحصول على تأشيرة الحج استغلالًا للتوسع في منح تأشيرات الزيارة بهدف الترويج للأنشطة الترفيهية والسياحية التي تقام في المملكة.

 

ولم تعلن السلطات المصرية العدد النهائي للوفيات والمفقودين حتى ظهر الأربعاء، غير أن تقارير إخبارية أشارت إلى وفاة ما لا يقل عن 323 حاجّا مصريّا خلال أداء فريضة الحج هذا العام، وأن أغلب الوفيات ناتجة عن أسباب مرتبطة بـ”ارتفاع درجات حرارة الطقس”، وقلة توفيت نتيجة تدافع بسيط بين حشد من الحجاج.

 

وكثفت وزارة الخارجية المصرية جهودها الدبلوماسية بالتنسيق مع السلطات السعودية في عمليات البحث عن المواطنين المفقودين أثناء أداء مناسك فريضة الحج.

 

عدد المخالفين لضوابط السفر يقدر بنحو 200 ألف شخص، استعدوا لأداء الحج بالسفر منذ شهري رمضان وشوال

 

وانتقد معارضون الحكومة معتبرين أنها تسببت بشكل غير مباشر في زيادة حالات الوفاة، فهذا العام شهد ارتفاعا ملحوظا في تكاليف أداء مناسك الحج لدى الجهات الحكومية التي تشرف عليها، وعدم التعامل الفوري مع شركات السياحة الخاصة التي نشطت في تسيير رحلات زيارة بأعداد كبيرة قبل حلول موسم الحج بأيام، وكان يمكن التعامل الأمني مع “سماسرة التأشيرات” بما يخفف أزمة تحولت إلى ظاهرة.

 

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد المخالفين لضوابط السفر يقدر بنحو 200 ألف شخص، استعدوا لأداء الحج بالسفر منذ شهري رمضان وشوال الماضيين، وأن الزائرين سعوا لمخالفة القوانين السعودية الخاصة بالحج بعد أن أضحت كلفته لا تقل عن أربعة آلاف دولار، ووجدوا في الحصول على تأشيرة زيارة زهيدة الثمن والإقامة في أحد فنادق مدينة جدة قبل الانتقال إلى مكة حـلا مناسبا لهم.

 

وأعلنت عدة دول عربية عن وفيات في صفوف الحجاج إثر إصابتهم بضربات شمس، وسط دعوات طبية تحث الحجاج على تجنب مخاطر ارتفاع درجات الحرارة هذا العام.

 

وقال نقيب السياحيين المصريين باسم حلقة إن “شركات السياحة تقدم الخدمات التي يطلبها المسافرون إلى السعودية سواء تعلق الأمر بتأشيرات الحج التي تتوفر لديها أو برحلات الزيارة غير المخصصة للحج، وأغلب الحجاج قرروا من تلقاء أنفسهم الذهاب إلى مكة قبل موعد الوقوف على جبل عرفات بأيام، وبعض موظفي شركات السياحة تحايلوا على القوانين السعودية، وهو ما لم يتم بصورة رسمية عبر الشركات العاملة في مجال السياحة بمصر”.

 

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الحكومة يصعب تحميلها مسؤولية ما حدث وليس باستطاعتها منع سفر أي شخص إلى الخارج إلا بوجود عوائق أمنية أو صدرت بحقه أحكام واجبة، وتنفيذ القانون في هذه الحالة حق أصيل للسعودية، والمشكلة تكمن في أن إحداث نهضة سياحية وتشجيع السائحين للحصول على تأشيرات إلكترونية من أجل زيارتها يتعارضان مع نية البعض مخالفةَ قوانين أداء فريضة الحج”.

 

ويحاول عشرات الآلاف من الأشخاص كل عام أداء فريضة الحج دون الحصول على تأشيرات رسمية لتوفير المال، وشهد هذا العام زيادة في هذه الظاهرة بالتزامن مع سعي المملكة للتحول إلى قبلة لسياحة متنوعة لا تقتصر على المناسك الدينية فقط.

 

ويقول متابعون إن حدوث حالات وفاة بين المصريين بأعداد كبيرة أمر طبيعي، لأن من لم يحصلوا على تأشيرة الحج ليست لديهم مناطق للإقامة عند أداء المناسك ولم تتوفر لهم وسائل مواصلات للتنقل بين مناطق الشعائر، لذلك تعرضوا لحرارة الشمس على مدى ساعات طويلة في غياب الاستعدادات اللوجستية للتعامل معهم، ولم يكن من المخطط تواجدهم أصلا في أماكن أداء المناسك.

 

وذكرت أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها (شمال القاهرة) هالة منصور أن “التقصير الحكومي المصري ظهر بشكل غير مباشر في وقائع وفاة الحجاج، لأن ترك تأشيرات الحج لقواعد العرض والطلب -التي أدت إلى ارتفاع أسعارها نتيجة تهافت المواطنين في غياب العدالة التنظيمية- خلق مبررات لمن خالفوا قواعد الحج، ودفع حجاج مصريون مبالغ مالية أكبر مقارنة بأسعار الحج في دول أخرى”.

 

وأكدت في تصريح لـ”العرب” أنه “في حال امتنع المواطنون عن أداء فريضة الحج لعام واحد فقط فإن جهات حكومية وخاصة سوف تعيد حساباتها، لأن الخدمات المقدمة إلى الحجاج المصريين لا تتناسب مع الأسعار التي دفعوها، وليس مطلوبًا من الحكومة دعم الحج، لكن تقليص المكاسب والرقابة بصرامة على شركات السياحة من العوامل التي تسهم في ثقة المواطنين بقدرتهم على أداء الفريضة عبر الطرق الشرعية”.

 

ولفتت إلى أن الخطاب الديني الذي يقوده بعض المنتفعين يشجع على السفر لأداء فريضة الحج، وإن لم يكن لدى الحاج الاستطاعة الكاملة كما أمر الدين، وغياب تطبيق المفهوم العادل للدين والتوسع في الدعاية للحج بالتقسيط وغير ذلك من وسائل التشجيع على أداء الفريضة دون معرفة تامة بالحقوق الشرعية تفضي إلى البحث عن كافة السبل غير القانونية، وتصويب هذا الخطاب مسؤولية جهات دينية حكومية.

 

ويتجاهل الخطاب الديني بمصر الأضرار التي يتسبب فيها المخالفون للقوانين وإلحاق الأذى بآخرين سلكوا الطرق الرسمية، كذلك عدم الاعتداد بقوانين الدولة المستضيفة. وأفتت دار الإفتاء المصرية بأن المخالفين تقبل حجتهم مع تأكيدها أنهم “آثمون شرعًا”، ما جعل الكثيرين يقتنعون بأن أداء فريضة الحج يبيح مخالفة القوانين.