خذها قاعدة:
أي فكر ديني عندما يتحول إلى (قانون) يفشل ويُؤدي ذلك لارتفاع عدد خصومه وأعداءه..
الميزة الكبرى في أي دين هي (السعة والرحابة) عندما يُضيق البعض هذه السعة ويُقيد تلك الرحابة يحدث الضمور
عندك مثلا
في الإسلام حوّل المتشددون الإيمان إلى (قانون الاعتقاد) فوضعوا له شروطا ومواد أدت لنشر التكفير بين الفرق الإسلامية المختلفة، برغم لو أنهم تركوا الإيمان على سعته دون قانون لرأوا الناس بشكل أفضل..
حوّلوا أيضا أخلاق الدين ومعاملاته (لقانون شريعة) ثم وضعوا له مواد إفعل ولا تفعل بالاحتكام إلى فتاوى أئمتهم في زمان ومكان مختلف، فانتشر القهر والاضطهاد وعمّت الوصاية بين المسلمين، برغم أنهم لو تركوا أخلاقيات الدين منسدلة من أعراف المجتمع وتقاليده الآنية، واحتكموا إلى المصلحة العامة في فض النزاعات ما حدث هذا الظلم المتفشي باسم الدين.
حوّلوا أيضا روحانيات الدين إلى (قانون طقسي) ثم وضعوا لهذا الطقس ممارسات يومية روتينية خالية من المشاعر والمعاني والفهم، فغابت الروحانيات وحل محلها التقليد والنفاق، واختفى بشكل كبير الصدق وزالت الصلة بين العبد وربه..
حوّلوا أيضا الدعاء والذكر الجميل إلى (صيغة معينة للدعاء والذكر لا تخرج عنها) فغاب الحب والإيثار بين الناس، ولو علم هؤلاء فضل الدعاء والذكر (الحُر) في خلق التفاعل بين العبد وربه، ولو علموا كيف يشعر الداعي الحر من متعة ولذة جراء ذكره، ولو فطنوا كمّ السعادة والطاقة الإيجابية التي يطلقها حين يصل نفسه بالله كيفما شاء ما ضيّقوا من وَسَع..
حوّلوا أيضا فهم القرآن إلى (قانون للقراءة بصوت جميل) فارتبط الناس بالقرآن سمعيا وحسيا على حساب العقل والتدبر والروح ، فغابت رسالة القرآن وأهدافه ولم يعد يستشعر المسلم سموّ آياته وأهميته الأخلاقية التي ظهرت في أكثر من 50% من نصوصه..
النتيجة أن ضَيّق هؤلاء فضل الله الكبير وسعته ورحمته إلى قانون إلزامي كانوا به يصنعون عبدا جنديا في دولتهم الدينية التي يحكموها، فالذي دفعهم لهذا التضييق والتحكم الشائن هو سعيهم القديم للسلطة، فلو غاب الطمع والسعي إلى الحكم من نفس الفقيه لن يكون بحاجة إلى تضييق رحمة الله الواسعة ، لأن الذي دفعه لاختراع القوانين هو اعتقاده الراسخ بأن تلك الرحمة نزلت عليه دونا عن بقية الناس الذين ليس لهم حق أصيل فيها إلا عن طريقه..
#نقد_الموروث