قال سياسي وبرلماني جنوبي أن "إعادة صياغة معادلة الشراكة مع الأشقاء الشماليين من خلال، جعل صاحب الأرض وممثل الشعب وصاحب الموارد هو صاحب القرار الحاسم في هذه الشراكة، فمن غير المعقول أن يكون المتحكم في صناعة القرار هو الوافد من خارج الأرض والشعب والثروة موضوع الحكم".
وقال الدكتور "عيدروس نصر ناصر النقيب" في موضوع تلقى محرر "شبوة برس" نسخة منه وجاء نصه:
الجنوب بين شراكتين 2
يخشى الكثير من الناشطين السياسيين الجنوبيين أن تمثل الشراكة الحالية (الجنوبية-الشمالية) استرجاع لشراكة 1990-1994م أو شراكة 1994-2015م اللتان لم تنتجا للجنوب سوى الغزو والاجتياح والاحتلال في المرة الأولى، والتبعية والذيلية التي انتهت بالانقلاب في المرة الثانية، رغم الفارق الكبير الذي تعرضنا له بين مكانة وممكنات الجنوب في المرتين السابقتين عنها في المرة الثالثة، لكن هذا يتوقف على قدرة القيادة الجنوبية الراهنة في التقاط هذه الممكنات وتحويلها إلى أوراق قوة لصالح القضية الجنوبية وترجيح كفة الحق الجنوبي في أية تسوية قادمة بما لا ينتقص من الحق الجنوبي في استعادة الدولة الجنوبية وبناء النظام الجنوبي الجديد.
وبجانب ذلك سيكون من المهم أن يدرك أطراف المجتمعين الإقليمي والدولي أن مطلب الجنوبيين في استعادة دولتهم واختيار مستقبلهم الحر ليس مطلبا عبثيا أو تعجيزياً بل إنه مراجعة مسؤولة وعقلانية لتجربة مكتظة بمرارات الفشل والإخفاق التي رافقت محاولة توحيد البلدين منذ يومها الأول، وأن العودة إلى وضع الدولتين ليس فقط مصلحة جنوبية، بل هي مصلحة يمنية وإقليمية ودولية، لأنها تسمح بتوفير أجواء السلام والأمن والاستقرار والتنمية في هذه المنطقة الهامة من العالم، وأن بقاء الوضع في هذا الإقليم كما بقي عليه منذ العام 1994م لن ينتج عنه سوى استمرار أجواء الحروب والنزاعات والمواجهات وأقلها التوترات والاضطرابات الأمنية والسياسية ومن ثم الاقتصادية والاجتماعية مما يخلق أعباءً إضافية على المجتمعين الإقليمي والدولي وإلحاق أفدح الخسائر التي كشفت عنها حرب التسع سنوات المنصرمة.
إن هناك الكثير من المتطلبات التي على المحاور الجنوبي أن يتوقف عندها للحيلولة دون تكرار تجربة الشراكتين البائستين 90-94م و 94-2914م، وأهم هذه المتطلبات يمكن أن تتركز في التالي:
إن انتظار حسم الصراع مع الجماعة الحوثية في الشمال، بالسلم أو بالحرب كأساس لمعالجة القضية الجنوبية، يبدو شرطاً تعجيزياً أكثر منه مطلباً واقعياً، فهذه الجماعة كما يبدو لا تريد السلم وهزيمتها العسكرية قد بدت مستحيلة على الأقل في هذه الفترة، بعد اختفاء (الجيش الوطني)، وانحصاره في الوحدات الموجودة في المنطقة العسكرية الأولى التي تأبى التحرك من مواقعها ولا يستطيع رشاد العليمي، ناهيك عن أحمد بن مبارك أو محسن الداعري إعطائها الأوامر للتحرك باتجاه مواجهة الجماعة الانقلابية.
كما إن ربط القضية الجنوبية بمواقف الجماعة الحوثية يعني أننا نعترف بهذه الجماعة ونستسلم لشروطها المعروفة بغلوها واستحالة قبولها، وذلك هو ما دفعنا إلى التأكيد على وضع القضية الجنوبية على رأس الأولويات، ونحن كجنوبيين لا نعترف إلّا بشرعية واحدة هي شرعية الرئيس المفوض من الرئيس المنتخب، وبالتالي فإن ما نحتاجه هو حوار جنوبي-شمالي بمشاركة إقليمية ودولية، ووضع المبادئ الأساسية للتعامل مع القضية الجنوبية، وتوقيع اتفاق على هذه المبادئ، ولا بأس بعد ذلك من مناقشة الفترة الانتقالية قبل الوصول إلى الحل النهائي للقضية الجنوبية، والذي لن يكون إلا بالعودة إلى وضع الدولتين الجارتين الشقيقتين المتعايشتين المتكاملتين على حدود 21 مايو 1990م.
((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))