كي لا ننسى:
يجب أن نحفر في ذاكرتنا وننقش في كتب تاريخنا بأن الذين أبادوا أبناء فلسطين في جنين ورفح وخان يونس ودير البلح وجباليا والشجاعية… هم قومٌ لا يريدون أن نشترك معهم في قطرات الغيوم ونباتات الأرض وأوكسجين الهواء، هم أنظمة وشعوبٌ مقتنعة بأنها مختارة من السماء لتبسط استكبارها على الأرض، لأجل ذلك أعلنت حربها العالمية الثالثة ونفذتها في فلسطين.
لم يربح أي جيش حربا ضد عصابات !!
ليس هناك جيشٌ في العالم ربح حرب عصاباتٍ شنّتها ضدّه مقاومةٌ تتحصّن بالكهوف والأنفاق، ولعلّ ماكرون يتذكّر تجربة الثورة الجزائرية التي حاول خلالها نصفُ مليون جندي فرنسي القضاء على المجاهدين الجزائريين في مغاراتهم بالجبال قرابة ثماني سنوات قبل أن يتأكّدوا من استحالة تحقيق هذا الهدف ويستسلموا للأمر الواقع وينسحبوا من الجزائر في 5 يوليو عام 1962،الأمر ذاتُه حدث للاحتلال الأمريكي في السبعينيات مع ثوار فيتنام المتحصّنين بالأنفاق، ومع طالبان في كهوف جبال تورا بورا بأفغانستان بين 2001 و2021، وقد كان يضطرّ إلى التسليم بالهزيمة في كلّ مرة والانسحاب مذموما مدحورا، مع أنه يملك أقوى جيش في العالم.
اليوم يحاول الاحتلالُ الصهيوني إنجاز ما عجزت عنه فرنسا في الجزائر وأمريكا في فيتنام وأفغانستان، معتقدا أنّ القنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات والتي تزنُ الواحدة منها طنّا كاملا من المتفجّرات، ستمكّنها من تحقيق هذا الهدف، فلا يُنجز شيئا غير ارتكاب مجازر مهولة في كلّ مرة .
في ظرف شهرين نفّذ الاحتلال الأمريكي نحو 10 آلاف غارة جوية على غزة، وألقى عليها أزيد من 40 ألف طنّ، ودمر 80% من الوحدات السكنية، وقتل نحو 60 ألفا أغلبهم من النساء والأطفال، باحتساب العالقين تحت الأنقاض، وجرح 42 ألفا آخر، وهجّر 80 بالمائة من السكان من ديارهم.. ومع ذلك لم يسيطر فعليّا على الأرض، ولم يحقق أيَّ نصر على المقاومة، وهو يتكبّد يوميا خسائرَ بشرية ومادية فادحة .
هزيمة أوكرانيا وإسرائيل :
تصريحُ أمين عامّ الحلف الأطلسي ستولتنبرغ، لقناة “إي آ ردي” الألمانية، هو اعترافٌ ضمني بقُرب هزيمة أوكرانيا وانهيار نظامها النازي، بعد قرابة عامين من الحرب التي وقف فيها الغربُ كلّه وراء كييف وساندها بقوة، وإذا سقط نظامُها قريبا، فلن يكون ذلك أيضا نصرا لروسيا على أوكرانيا فحسب، بل أيضا على الولايات المتحدة ودول الغرب كلّها التي وقفت بقوَّة خلف نظام زيلينسكي ودعمته بأحدث الأسلحة ومئات الملايين من الدولارات لاستنزاف روسيا وإضعافها وتفكيكها مستقبلا.
هزيمتان مؤكّدتان وكبيرتان تنتظران الغرب كلّه في غزة وأوكرانيا قريبًا، هزيمتان ستكسران عجرفته وغروره، وتُنزلانه من عليائه، وتُنهيان هيمنته، وتُرسيان نظاما دوليا جديدا متعدّد الأقطاب، وبعدها سيتغيّر الكثيرُ في هذا العالم ولن يعود كما كان من قبل وجولة الباطل ساعة وجولة الحق الى قيام الساعة !!
د . علوي عمر بن فريد