قد يبدو هذا غريبا بعض الشيء وقد يعتبره البعض جلد للذات لكنا بحاجة إلى مراجعة حساباتنا وتصحيح مسارنا وفهم مانريد لكي لا نضيع وسط الأمواج العاتية التي تحيط بنا من كل جانب.
وعندما نكتشف الخطأ في مسيرنا يجب ألا نستمر في نفس الطريق لأنه لن يوصلنا إلى هدفنا، وليس عيب ان نعود إلى النقطة التي ضللنا منها الطريق لنستعيد الطريق الصحيح الذي بدأنا السير عليه.
هذه ليست فلسفة بدوي نصف متعلم، إنما هي محاولة لإستعادة بوصلة العقل والتفكير وترميم أساسات الأمل لدينا التي ترهّلت بفعل اليأس و الإحباط الذي تسرب إلينا بسبب هذا الجمود الممل.
نحن بحاجة إلى وضع الأشياء في مواضعها وتسميتها بأسمائها بعيداً عن التمنيات التي لاتسمن ولا تغني من جوع.
وضعنا في الجنوب لا يسر، واذا استمر الحال على ماهو عليه سيزداد هذا الحال المزري ويتحول إلى حالة مستدامة من الصعب علاجها.
لدينا قضية.. ليست مطالب حقوقية أو مناصب فخرية كالتي نراها اليوم، إنما هي قضية وطن وشعب بِيع بثمن بخس في ساعة نشوة عابرة اودت بنا إلى الهاوية.
هذه القضية إلى اليوم ورغم التضحيات الكبيرة لم يلامس جوهرها ولبها احد من قادة المكونات مع احترامنا للجميع ولكل ما قدموه، لكن كل مانسمعه شعارات "استعادة الدولة!" و"استعادة الاستقلال" وغيرها كثير، ومع كل هذه الشعارات لم نستوضح كيفية السبيل الذي يمكننا من تحقيقها.. فوهة البندقية ليست طريقة استعادة كل الحقوق إنما هي وسيلة للإعلان عن تلك الحقوق وفي ظروف معينة.
الحالة السائدة اليوم في الجنوب وفي اليمن عموماً ان هناك تدخل عسكري أجنبى وقرارات وصاية دولية ملزمة وحالة حرب لم توقع حتى هدنة مؤقته ووضع اقتصادي صعب جداً وشعب على مشارف مجاعة شاملة!! هذه الحالة لن تساعد على استعادة دولة ولا استقلال بالطريقة التي نراها اليوم . لأن العالم لن يتقبل مانسعى اليه بعد أن قيدنا بقرارات وصاية واستباح ارضنا ووضعها تحت الفصل السابع الإستعماري الذي يشرعن له التصرف في بلد الوصاية كيف يشاء. حتى دول التحالف وبحكم التزاماتها الدولية ومسئوليتها عن تدخلها في اليمن ستقف ضد رغبتنا في استعادة دولتنا، ونراها تفرض علينا قيود تنتقص من حقنا في تقرير مصيرنا واستعادة استقلالنا..
إذاً لابد من استعادة البوصلة وتحديد المسار الصحيح لكي نخرج من هذه الدوامة ونكسر تلك القيود ونستعيد حريتنا وكرامتنا على ارضنا اذا أردنا ان نستعيد وطنا باعه من لايملك لمن لا يستحق.
عندما نقول استعادة البوصلة لايعني هذا اننا نقف ضد احد او نملي آرائنا على أحد إنما نطرح وجهة نظر لعلها تجد من يفكر فيها بعقل بعيداً عن الأماني التي لاتستعيد دولة ولا تعيد وطن.
عبدالله سعيد القروة
٦ أغسطس ٢٠٢٣م