متى نكتب.. ولمن؟!

2023-06-05 11:22



تظل الكتابة متنفس لتعبير عن مشاعرنا في حروف يختلط فيها الفرح بالألم ، فلحظات الفرح تحلق بنا نحو الأمل وترسم على قلوبنا لحظات مزهره مشرقه نحلق فيها نحو السماء ونشدو بأجمل الحان المرح والسعادة ..

ولحظات الحزن يخيم فيها ظلام دامس على صفحات قلوبنا نكتبها بدموع الأسى والوجع ونجمع شتاتنا بين تلك الأوراق وتدق طبول

الرحيل ونظل نحلم ونحلق بعيدا عن الواقع وبالإصرار والامل يزداد شحن الطموح بالإرادة القوية والتوكل على الله نسطر من جديد بين صفحاتنا تلك الامنيات التي تظل معلقة بين تلك الأوراق حتى تتحقق بإذن الله..

نكتب عن الماضي فحين يجتاحنا الحنين ننعزل عن من هم حولنا ونرحل إلى تلك الصناديق القابعة على الرفوف نتقمص الماضي ونعتصر ذاكرتنا لمن كانوا جزء من أوراق صفحاتنا وقد رحلوا وذبلت حروفهم..

أكتب عن نفسي وعن غيري ولا يقرأها إلا من يشعر بنا ثم أبدأ في الكتابة ، فيأبى القلم، أعدت المحاولة استجمعت أفكاري ووضعتها أمامه ليستعين بها في الكتابة، فلم أنل منه شيئا ، وقد أمسك مداده وزاد عناده وتحجر في مكانه، استغربت من أمر لم يحدث لي معه من قبل، وهو الذي كنت من قبل إذا أسررت له بخاطرة أو أطلعته على أمر سارع ليكتبه، بل يمدني بأفكار لم تكن خطرت لي على بال، فما عساه اليوم قد استعصى على الكتابة ؟.

خاطبته قائلا: ما بك؟ لماذا لا تكتب؟ هل عدمت مواضيع للكتابة؟ فالمستجدات كثيرة.!!

اكتب عن حالة الأمة عامة وشعبنا المكلوم خاصة وما وصلت إليه بلادنا من تخلف في كل مجالات الحياة بسبب الحروب المتناسلة ، وعندما أقارنها بغيرها من الأمم التي حققت السبق في مختلف ميادين العلم والتكنولوجيا، بينما نحن مستمرون في القتل والفرقة والتبعية للغير منذ عشرات السنين !!

اكتب يا قلم.. عن التعليم في بلادنا إلى أي درجة انحدر، بينما التعليم في مختلف البلدان يتقدم سنة بعد أخرى والتعليم لدينا يتراجع خطوات إلى الوراء، لأنهم يريدون أن يزرعوا لنا شوكا !!

اكتب يا قلم فالمواضع كثيرة للكتابة.. أكتب عما استطاعت حكومات اليمن تحقيقه وما لم تستطع، قارن بينها وبين جاراتها وأسأل عن رواتب وزرائها، فهل يُعقل أن يكون راتب وزير عشرات آلاف من الدولارات خلاف ما يسرق وينهب تحت عناوين مشاريع وهمية ، بينما المواطن لا يجد عشاء يومه ولا غطاء لأطفاله ولا خيمة تستره ؟!!

ولا يسلم من السجن فالمعتقلات فاتحة أبوابها للمواطن المسكين والتهم الملفقة جاهزة هي الأخرى مع ما يصاحبها من تلفيق للتهم الكاذبة وتعذيب مستمر!!

ويسأل الكاتب صاحب الضمير الحي في بلادنا قلمه في هدأة الليل :

إذا لم تستطع أن تكتب عن هذه المواضيع التي تظنها كبيرة ولا طاقة لك بها، فاكتب عن الأدب، اكتب عن الشعر، اكتب في مواضيع الجمال، اكتب في كل شيء ودعك من السياسة والسياسيين، المهم أن تكتب !!

هنا انتفض القلم عندما استفززتُه ، وبدا الغضب ظاهرا على محياه، وقال: أتخدعونني أم تخدعون أنفسكم؟ هل توهمون أنفسكم أنكم حقا تستطيعون أن تكتبوا ما شئتم وتقولوا ما شئتم، ثم تفتخرون بينكم أنكم تعبرون عما شئتم كيفما شئتم؟ ثم من قال لكم أن تلك المواضيع التي تتحدثون فيها تدل على أنكم في بلد حرية التعبير، فهل حديثكم عن تخلف شعبكم يعبر عن حرية تعبيركم؟ هل حديثكم عن هوامير الفساد في بلدانكم الذين يزرعون ثقافة غيركم في أوطانكم يُعبر عن حرية تعبيركم؟ هل كتاباتكم في انتقاد سياسة مسئوليكم الفاشلة تعبر عن حرية تعبيركم؟.

كيف تطلبون مني أن أكتب في مثل هذه المواضيع وأخوض غمارها وأناقش مستجداتها وأحلل أخبارها، وهي قد قُتلت كتابة ومناقشة وتحليلا مِن كل مَن يجعل مني خادما له!!.

إن درجة حرية التعبير التي يتمتع بها غيركم لم تصلوا إليها بعد، فلا تفتخروا بأنكم تتمتعون بحرية واهية وهمية. عندما تقرعون طبول هذه المواضيع سأنصاع لكم وأكون ساعدكم الأمين المطيع كما تريدون، أما الآن فلا تفرضوا علي أن أكتب في أمور لا أحب الكتابة فيها . هل وصلت الرسالة ؟ وهل فهمتم محتواها ؟!!

د . علوي عمر بن فريد