ماحدث في بيحان اليوم كان مفجعاً ومداناً بكل ماتحمله الكلمة ولسنا ممن يترددون في ادانة القتل خارج القانون او الفتن التي تسبب التقاتل بين الناس ولا نتردد ابداُ في المطالبة بالتحقيق واحالة كل المتهمين للقضاء وايضاً اطلاع المواطنين على تفاصيل ماحدث بكل شفافية وفي منتهى السرعة .
كل ذلك بالنسبة لي من المسلمات عند اي قصية من هذا النوع
لكن كل ذلك ليس موضوعنا الان
موضوعنا هو عن مصليات العيد نفسها وماهي قصة الصراع عليها بين السلفيين والاخوان وهل هذا صراع حديث بفعل الصراع الاماراتي مع الاخوان ام ان له خلفيات تاريخية ؟
قبل العام 90 عام الوحدة المشئومة لم نكن نعرف شيئاً عن مصليات العيد او الصلاة في الاماكن الخالية من البنيان خارج المدن .
قبل ذلك التاريخ كانت تقام صلاة عيد الفطر وعيد الاضحى في المساجد وليست كل المساجد اذ كانت وزارة الاوقاف حينها تخصص لكل مدينة مساجد محددة حسب حجم المسجد وعدد سكان المدينة .
في غيل باوزير مثلاً كانت صلاة العيد تقام في مسجدين من مساجدها هما الجامع ومسجد ذهبان .
لهذا الترتيب والحصر ارتباط بتفسير فقهي يرتبط بالمذهب الشافعي الذي كان معمولاً به حينها حصراً .
اما خطيب العيد فقد كانت اداراة الاوقاف في المديريات هي من تكلفهم
قبل ذلك التاريخ كانت كل المساجد تحت سلطة وزارة الاوقاف وهي وحدها من يعين الائمة ويختار الخطباء وطبعاً الوزارة كانت لها ضوابط لاختيار الإمام والخطيب ومن اهمها خلوة من الانتماء لفكر الاسلام السياسي او فكر الاخوان و ماأشبه ذلك .
جاء عام التحولات عام ٩٠ في ذروة صعود مايعرف بالصحوة الاسلامية في الجنوب والشمال والمنطقة .
من اول خطوات التحول كانت مصليات العيد التي جائت كحاجة لاثبات العهد الجديد لحرية الحركة الاسلامية وتخلصها من منظومة السيطرة على المساجد والاوقاف والخطاب الديني في عهد الحزب الاشتراكي
في عام ٩٠ لم يكن للاسلاميين في الجنوب الذين انضموا لاحقاً لحزب الاصلاح الشمالي والجمعيات الخيرية الحركية القادمة من صنعاء
لم يكن لديهم حضور في المساجد كسلطة امامة وخطابة مرسمة كانت سلطة الاوقاف حينها مازالت على عهد ماقبل الوحدة .
ولهذا ظهرت في تلك الايام قصة احياء سنة مصليات العيد واقامة صلاة العيد خارج البنيان ..
كان ذلك المشروع الجديد الذي اجتذب الناس في بدايته هو مشروع الاسلاميين الحركيين الجنوبيين الذين اصبحوا في وقت لاحق قريب قيادات في حزب الاصلاح .
انشأت المصليات في كل المدن وتم اخراج الناس من نظام الصلاة في المساجد والتخلص من احتكار الائمة غير الاسلاميين ومن سلطة الاوقاف على خطبة العيد وخطيبها
اتذكر كيف سببت المصليات من لغط بين المساجد ومصلى العيد ونقاش المشروعية بين الطرفين على اعتبار ان طرف المساجد يمثل فقهياً الصوفية الشافعية بينما يمثل طرف المصليات تيار جديد يخلط بين الآراء الفقهية بدون الالتزام لتقليد اي منها .
كان هذا واحداً من اوجه الانقسام التي صنعتها مصليات العيد التي اصبحت بشكل واضح وفي وقت قليل جداً بيد الاخوان الذين هم الاصلاحيين
وهذا المآل تسبب في انقسام اخر اشد خطراً
فمقابل مصليات العيد الاصلاحية السياسية قامت مصليات عيد للسلفيين القادمين من مدرسة الشيخ مقبل الوادعي
وهكذا تشكلت الصورة الكلية
صلاة عيد في المساجد التقليدية ( مازالت الاوقاف من يكلف الخطيب )
صلاة عيد في مصلى العيد ملكية الاصلاح ( يكلف الاصلاح الخطيب ) وهي الاكبر من حيث العدد ربما بسبب انها الاقدم
صلاة عيد في مصلى ملكية السلفيين ( الخطيب السلفي تختاره الجماعة )
هذه الصورة ثلاثية الاضلاع في مصليات العيد لم تكن ذات طابع هادئ وسلمي خاصة في البدايات مازالت الذاكرة تحتفظ بالكثير من المواقف الصراعية بين اطرافها الثلاثة وخاصة بين الضلعين الاخواني والسلفي لحد الاقتراب من الصدام والتشابك بالايدي في حالات كثيرة
ولحد التشكيك في مشروعية صلاة كل طرف من الطرف الاخر .
مرت السنوات واصبح لكل طرف من الاطراف الثلاثة طريقه التي يتمسك بها في كل عيد وهو يعتبرها طريق نهائي لايقبل المساس بها او سلبها منه واعتقد جازماً ان كل طرف مستعد للقتال من اجل مصلى عيده .
وخاصة ملكية الاصلاح لمصليات العيد فيما يبدو وعلى الرغم من مرور عشرات السنين الا ان الجماعة تعتبر مصليات عيدها مسألة حياة او موت وليس لديها اي استعداد للسماح بتدخل اي طرف بما فيها وزارة الاوقاف حتى لو كان الوزير اصلاحياً .
كل ماسبق سيجعلك تفهم بعضاً من خلفيات فتنة مصليات العيد في الجنوب وغياب الدولة عن هذا الملف وتركها للجماعات والتيارات السياسة الدينية وخطر ذلك التخلي على وحدة المجتمعات وخاصة عند حدوث المتغيرات
سعيد بكران
..