انتشرت ظاهرة الإلحاد في أوساط الشباب المسلم لسببين:
الأول: رد فعل لسقوط المشاريع التي وعدت بمعالجة معانات الناس، وتخلفهم، وواقعهم، بمختلف مسمياتها، الاسلامية، والقومية، واليسارية، والليبرالية.
الثاني:عدم استطاعة التراث المروي استيعاب تعقيدات العصر وعلومه.
والأمران مرتبطان ببعضهما، وسبب ذلك نجده بعدم التلاقي والتفاعل بين الواقع ودين مذاهب الناس، لأن قول الناس ومروياتهم في التراث، يحجب فهمنا وقراءتنا، بعقولنا ومعارفنا وأدواتها، لقول رب الناس في وحي كتابه ومطابقته مع الواقع.
أقوال الناس، بتراثهم ومروياته، لا تستطيع أن تفهم وتتعامل وتستوعب، علوم العصر بمعارفه وأدواته، فهي محدودة بنسبيتها المعرفية وزمانها ومكانها، هذه الإشكالية كونت الأرضية الخصبة للإلحاد، فما صلح للقرن السادس لا يصلح للقرن العشرين.
وحده وحي الله الحق المطلق المعرفة الحاوي للزمان والمكان وعلومهما وأدواتهما المعرفية، القادر على استيعاب الزمان والمكان والمعرفة وأدواتها، وهو من الله القدوس الحي، المرسل لأحياء، يقرأونه ويتعاملون معه وبه، لزمانهم ومكانهم ومعارفهم وأدواتها.
قراءتنا المعاصرة لوحي الله الحق، المحفوظ بكتابه، بعيوننا وعقولنا ومعارفنا وأدواتها، وإنزال هذه القراءة على الواقع، هي نفس المدرسة الرحمانية، التي عَلّمَها الله لرسوله، وعلمنا عليه الصلاة والسلام كيفية قراءته العملية، لمحتوى الكتاب والحكمة، وفق زمانه ومكانه، ومعرفته وأدواتها، مغيراً واقعه ليتناسب مع وحي الله في زمان ومكان الرسالة، ونحن نستلهم سنته وأسوته، في تلك القراءة لوحي الله، لزمانه ومكانه ومعارفه، لنقرأ كما علمتنا أسوته الحسنة، وحي الله الدائم، وفق زماننا ومكاننا ومعارفنا.
﴿كَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا فِیكُمۡ رَسُولࣰا مِّنكُمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِنَا وَیُزَكِّیكُمۡ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَیُعَلِّمُكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ١٥١]
﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا﴾ [الأحزاب ٢١].
وبهذه القراءة المعاصرة نمنع ظاهرة الإلحاد، ونعالج مشاكلنا المعاصرة، لنقوم بدورنا في العبادية الحقة، والاستخلاف في تطور وتطوير الحضارة، والشهادة على الناس.
د عبده سعيد المغلس
١٥-٤-٢٠٢ ٣