باب اليمن.. جابوه إلى عدن

2023-04-11 17:15

كتبت ونشرت قبل أكثر من عام تقريبا مقال بعنوان : الاستراتيجية السعودية .. الجنوب مقابل الجنوب ، أي أنه ستتم مقايضة أمن واستقرار وسلامة أراضي المملكة وتحديدا جنوبها، مقابل ضمان تقدمه المملكة لمليشيات الحوثي بعدم إنفصال جنوب اليمن أو تسليمه لها بعد إضعافه وإنهاكه، ناهيك عن تسليم أخر مديرتين في مارب وهما مأرب المدينة والوادي من أصل 14 مديرية ، 12 مديرية ماربية تحت سيطرة مليشيات الحوثي حاليآ .

قبل عدة أسابيع كانت هناك تغريدة لنائب وزير خارجية الحوثي حسين العزي، التي قال فيها بأنها المرة الأولى والوحيدة التي يلتقون أو يتفقون بها مع المملكة في هدف واحد وإستراتيجية واحدة ، وهي عدم إنفصال جنوب اليمن بشتى الطرق والوسائل الممكنة وغير الممكنة .

ولكي لا تتهم المملكة بتسليم ما تحرر لمليشيات الحوثي ، فضلت تسليم جنوب اليمن إلى التيار الوحدوي أكانوا شماليين أو جنوبيين ، وهم بدورهم من سيتولون مهمة تسليمها للحوثي كعادتهم، هذا ما ينفذ حاليآ حتى تضمن المملكة حلا وسطا بين هذا وذاك، وبالتالي نحن ذاهبون إلى مرحلة جديدة من الصراعات والأزمات والحروب لتنفيذ هكذا مخطط مأساوي وكارثي ، إلى أن يرضخ الشعب الجنوبي ويستسلم ويرفع الراية ولو مؤقتا.

تغيب الرؤية الانية والاستراتيجية عن القيادات الجنوبية ويتحركون وفق ما تمليه عليهم المملكة لا وفق أهدافهم الوطنية العليا ، وهذا ما أكده حرفيا عضو مجلس رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي الشاب عمرو البيض قبل 48 ساعة تقريبا: ليس لدينا تاريخ جيد في إدارة الأزمات خاصة في الجنوب، لقد لخص البيض وجود أزمة قيادة وكوادر ذكية ومؤهلة ومحنكة في هكذا مرحلة إستثنائية تقود المجلس الإنتقالي الجنوبي ووفده التفاوضي الهزيل، وبالتالي ما نحن فيه من فساد وفشل وأزمات مفتعلة وأوضاع كارثية محصلة طبيعية، بسبب أن الفريق التفاوضي فاشل بدرجة إمتياز ولم يستطيع إنتزاع أو إحراز أي تقدم في كافة الملفات أو تحقيق أهداف إستراتيجية أو حتى خدماتية ومنها رواتب القوات المسلحة الجنوبية .

والافدح من ذلك أن مهمة الهيكلة أسديت لها، رغم أنها أم المشكلة والفشل والفساد ولن تكون بالطبع جزء من الحل ، وسنجد ذلك التخبط والتيه واضح المعالم في محادثات جدة التي أفضت إلى الإتفاق سيء الذكر المسمى بإتفاق فخ الرياض.

إنهم يقدمون تنازلات تلو الأخرى وبصورة مستمرة تثير الريبة والشكوك ، دون أن يحققوا لشعبهم ووطنهم أي أهداف سياسية أو حتى حقوقية وانسانية هم بأمس الحاجة إليها اليوم ، في هكذا وضع أقتصادي ومعيشي صعب للغاية ، لا زلنا نقبع في المربع رقم واحد بدون كهرباء وماء ووقود وحدودنا تنتهي بالشيخ سالم والطرية ، ناهيك عن شبوة وحضرموت الوادي وغيرها من الوعود العرقوبية التي لم ينفذ منها شيء ، رغم كل تلك التضحيات الجسام والتنازلات الكبيرة التي قدمت قربانا للتحالف العربي ، وأخر قائد لقوات العمالقة الجنوبية هو أبو زرعة المحرمي قبل أن يتم تغييرها الى القوات البرية اليمنية بقيادة الداعري وهاشم الاحمر .

وعدت المملكة المجلس الإنتقالي قبل توقيع إتفاق الرياض بتقديم دعم مالي كرواتب شهرية ل 60 الف جندي جنوبي، وهذا مالم ولن يتحقق في عدن والجنوب أسوة بالجيش الوطني الوهمي الذي ترعاه المملكة ، وهذا أكبر خطأ إستراتيجي فادح وجسيم نرتكبه ، فرواتب القوات المسلحة الجنوبية يجب أن تكون من مواردنا المالية المحلية فقط ، لماذا لم ننشأ شركات إتصالات وغيرها من المشاريع الاستثمارية لتعزيز مواردنا المالية المحلية .

تصرف من خزينة بنك عدن المركزي الذي جل موارده من المناطق الجنوبية المحررة أكانت موارد مالية أو عائدات بيع شحنات النفط الخام الجنوبي لوزارة دفاع المقدشي 450 مليار ريال يمني سنويا بحسب تصريح سابق لوزير المالية الحالي الأستاذ سالم بن بريك ، ناهيك عن 40 مليار ريال يمني كغذاء لجيش المقدشي الوهمي .

ناهيك عن عوائد بيع شحنات النفط الخام التي تذهب إلى البنك الأهلي التجاري السعودي ويتم التصرف بها بصورة تكاد تكون سرقة ونهب منظم للمال العام جهارا نهارا والشعب يعيش أسوأ مرحلة معيشية بتاريخه ، وينتظر هذا الشعب منذ عدة سنوات من لئام القوم وفاسديهم وناهبيهم فتات ثرواته وخيراته ، خرج سلطان مأرب ليقول سيمد مناطق سيطرة مليشيات الحوثي بالكهرباء والغاز والنفط وكل ما يحتاجونه ، بشرط إستمرار الهدنة وعدم المساس بمملكته الماربية السبئية .

إلا الجنوب لم يجد حتى اللحظة من يهتم بشؤونه وشؤون مواطنيه بصدق وإخلاص بل زادوه أزمات مفتعلة فوق أزماته المستفحلة ، قيادات إنتهازية من الدرجة الأولى تتحكم بالمشهد الجنوبي .

بإستطعتنا تدبر شؤونا دون مساعدة من أحد ، متى ما توفرت الإرادة قبل الإدارة والانتماء إلى هذا الوطن وشعبه قبل الانتماء للقرية .

قالها قبل عدة أسابيع قيادي حوثي كبير، أن المعركة القادمة سيكون حطبها أو ضحاياها 90% جنوبيين ، بعد أن تحولت من حرب ضد المد المجوسي الايراني الشيعي الى أزمة يمنية لم تعد تعنينا هذه الحرب الآن ، وهذا ما يرتب له حاليآ بعد تنصيب وزير دفاع جنوبي رغم أن هذا المنصب كان حصريا على الشمال كون المناطق غير المحررة شمالية ، ناهيك عن الاستقطاب والتجنيد المستمر في معظم المناطق الجنوبية المحررة بإسم ألوية اليمن السعيد ، وتحديدا في عدن ولحج وأبين والضالع فقط ، للانقضاض على العاصمة عدن أو كما يسمونها إقليم عدن .

*- أحمد سعيد كرامة

*- السبت ٣٠ يوليو ٢٠٢٢ ( قديم متجدد)