أثار حديث د. رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي تضمنته مقابلته مع صحيفة الشرق الأوسط عن القضية الجنوبية، أثار ردود أفعال ساخطة بين الجنوبيين وتصدت لها تصريحات رسمية عن بعض القيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، من خلال بيان الزميل علي الكثيري الناطق الرسمي، والزميل د. ناصر الخبجي رئيس فريق التفاوض.
في نظري أن المشكلة ليست في تصريحات العليمي كشخص لأنه يمثل حزباٍ سياسياً معيناً وطرفاً جهوياً وجغرافياً وموقفاً سياسياً محدداً تجاه القضية الجنوبية، وهذا الحزب وهذا الموقف معروف منذ العام ١٩٩٤م، واي انتظار لموقف غير هذا يعد رهان في غير مكانه.
المشكلة تكمن في المعادلة السياسية المختلة في منظومة الحكم في الجنوب،
فلقد قلنا مرارا أن من يحكم الجنوب اليوم هم مجموعة من الهاربين من بلادهم.
إنهم لم يستطيعوا استعادة مديرية من محافظاتهم من ايدي الانقلابيين اتباع المشروع الإيراني، لكنهم في الجنوب حكامٌ آمرون ناهون يتسلطون على رقاب الجنوبيين ويتحكمون في ثرواتهم ومصيرهم وهم من يمارس العقاب الجماعي على ستة ملايين جنوبي وهم من من يطمح إلى ان يحدد مسار القضية الجنوبية ومآلاتها النهائية طالما سلمناهم الأرض والسلطة برضانا وموافقتنا ومشاركتنا.
ليس الحل في تراجع العليمي عن كلامه ولا في الاعتذار عما صدر عنه من أحاديث واقاويل، بل في تصحيح المعادلة السياسية، وإعادة صياغة بنية السلطة على النحو الذي يجعل الجنوبيين حكاماً فعليين لارضهم ومعبرين عن شعبهم ومتحكمين في ثرواتهم لا ان يكون الشعب من بلاد والحكام من بلاد شقيقة.
* * *
في حديثه عن القضية الجنوبية اليوم أمام الجالية اليمنية في مدينة برمنجهام البريطانية، قال د. أحمد عوض بن مبارك وزير الخارجية اليمني: إن الجنوبيين شركاء في نصف مجلس القيادة ونصف الحكومة ويشاركون بالمتاصفة في صناعة القرار السياسي.
ستظل هذه الحجة هي الهراوة التي يرفعها الفاشلون والفاسدون والمتخاذلون في وجه كل جنوبي طالما ظلت الشراكة الجنوبية في منظومة الحكم (الجديد-القديم) مجرد مناصفة وهمية تتكئ على منهاجية حكم تعود إلى عصورٍ خلت، أن نظام الحكم المتسلط على الجنوب لا يتميز عن نظام ٧/٧ إلا بالاسماء والمسميات بينما يظل الموقف من الشعب الجنوبي وتطلعاته هو نفس الموقف الذي تبلور صبيحة ٧/٧ ولم يتغير فيه سوى المفردات الزئبقية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
* * *
هناك حقيقتان لا بد أن يعيها شركاء الحياة السياسية من الجنوبيين والشماليين على السواء:
١. لا يمكن أن تتعدل الحياة المعيشية والخدمية والاقتصادية في الجنوب، ناهيك عن الموقف من القضية الجنوبية طالما بقي القرار السياسي والاقتصادي والمالية بيد شركاء ٧/٧ وورثائهم، وطالما بقي الجنوبيون مجرد ملحقين في هذه المنظومة المختلة.
٢. إن المفردات الزئبقية التي يتحدث بها الحكام عن قضية الجنوب، و"الإطار التفاوضي"، و"الحل النهائي"، و"الحل الشامل" لا تساوي قيمة الحبر الذي تكتب به، ما لم يكن الحديث واضحاً، وما لم يتضمن حق الشعب الجنوبي في استعادة دولته بحدود ٢١ مايو ١٩٩٠م.
عدا ذلك لا الغضب الجنوبي ولا مجاملات الأشقاء يمكن أن تمثل شيئا لتطلعات الجنوبيين في مستقبلهم الحر المستقل الآمن.
أخيراً:
نصيحة مجانية لشركاء الحياة السياسية!
لا تجربوا مدى صبر الشعب الجنوبي، ولا تختبروا مستوى مرونته وتسامحه، لأن لصبره حدود ولتسامحه نهاية، وإذا ما غضب الشعب الجنوبي فلن يصد غضبه صاد ولن يرده راد.