حسابان في تقديرات الموقف من الحل النهائي للمسألة اليمنية :
الحساب الأول يُقاس بالعواطف، دولة واحدة ، وحتى هذه العاطفة التي تشربها الجميع ذات تاريخ مضى ، بدأت تتأكل من حوافها وحتى القلب، بعد تقديم أسوأ نموذج لمسمى الوحدة ،حيث تراجع طابعها المدني الذي تشبعت به تنظيرات الحركة الوطنية ، وحل محله دولة التمايز والسطو على المواطنة الواحدة ودولة العدل والقانون ، دولة الشيخ ومن ثم السيد ، دولة الصفوة النازية مع مناقلة طفيفة بين مقولة الأصل والفرع التسعينية المنشأ ،وبعده العرق الآري والطائفة السلالية وشعب الرعايا المستعبدين .
واذا كانت العاطفة أنتجت لنا هذا النموذج المشوه ، فإن العقلانية السياسية تطرح الخيار الآخر ، دولتان بشعبٍ واحد، تاركين للتاريخ وحركة الأجيال ومتغيرات الواقع، أن يُحِّدث الرؤى ويجدد القراءات ويشق دروبه بحثاً عن البدائل الممكنة.
الآن هناك عملية إقرار إقليمي محلي دولي أن شكل الدولة المركزية قد توفاه الأجل، وكتب شهادة وفاته بحروب متتالية وبجبال من الإخفاقات والمعاناة ، وصراعات مازالت قائمة حتى اللحظة ، ومن شأنها ان تستمر الى مالانهاية، إن تم تعسف الواقع الموضوعي، وأُعيد إنتاج ذات الدولة المركزية المستبدة والمنبوذة وطنياً.
مشروع الدولتان حمله المبعوث العماني إلى صنعاء، وهو مشروع إمريكي اوروبي سعودي حول مسار الحل النهائي ،والذي يقوم على دولتين في الشمال والجنوب تقطع أسباب إستمرار الحرب، وتجفف جذور إستيلاد حروب متناسلة ،بين طرفين ورؤيتين جغرافيتين متصادمة.
الح وثي رفض هذا المشروع لأنه يقوم على فكرة دينية تصطفيه لحكم كل اليمن وما بعد اليمن ، في ما الشرعية ترى أن الدولة الموحدة خيارها النهائي ،ليس على أساس وطني، بل لأن الجنوب بثرواته خلق إمتيازات لطبقة الحكم ونخب السلطة، وعلى هذه النخب الحاكمة الدفاع عن مصالحها بمثل هكذا شعارات وحدوية وطنية الشكل تشتم منها رائحة بئر نفط وأنبوب غاز ، شعارات تسقطها كشف حساب يجيب عن السؤال من يدير ثروات الجنوب ويستنزف خيراته، طبعاً هو ذاته بعد أن أفقر الشمال إنساناً وثرة ، أي الترويكة الحاكمة بذات الأسماء والإمتيازات والهويات القبلية المتوارثة.
خياران بات يدركهما العالم :
وحدة مركزية مع إستمرار الحرب
أو دولتان بشعبٍ واحد كخيار لفرض حل واقعي مستدام.
ولكن يبقى الهاجس الذي يسكن الجميع، ما الذي يمكن أن يقدمه الجنوب من إضافة جاذبة ونموذج لحكم مدني ديمقراطي عادل ورشيد؟
إن عجز عن فرض عدالة حقيقية ومواطنة تتخطى إرث الشمال الذي يزحف جنوباً ، وأنتج الطبقة الذهبية والمنطقة المصطفاة المستأثرة بالحكم والقرار والثروة ، في هذه الحالة لا شيء تحقق على الأرض، وأن الشمال الحاكم وليس المواطن، يتجسد ثانية وإن بأسماء وهويات جنوبية ، ما يعني أن الحرب ستجد مبررات إندلاعها ثانية على حامل المظالم والإقصاء المناطقي والتمايز الإجتماعي، وندخل في ثنائية شمال وجنوب مستبد.
خالد سلمان
.