خالد النجار رجل في الأربعين من عمره ، أب لسبعة أطفال كالزهور المفتحتة تحت الشمس ، ذهب خالد مع أحد اقرباءه المرضى إلى أحد المستشفيات في العاصمة عتق ، يبحث عن علاج لقريبة الذي قرر الأطباء ترقيده في ذلك المستشفى . لم يفارق خالد قريبه بل ظل مرافقا له في المستشفى ، وبعد أيام من الترقيد قام أولئك المتمردون بتمردهم في شبوة ، وكان منزل أحد قادة ذلك التمرد على مقربة من ذلك المستشفى ، وكان أحد القناصة المتمركزين في المنزل والأماكن المحيطة به ، قد أطلق رصاصة من بندقيته على ذلك المستشفى ، لتصيب خالد النجار ليرتقي إلى بارءه شهيدا . كان خالد النجار يحلم بأن ينمي تلك الأزهار التي غرسها في الأرض بيده ، والتي كانت تفوح منها عطور الفل والياسمين ، ولكن يا للأسف لقد تركها حائرة تسأل عنه عند كل غروب أو شروق للشمس . عذرا خالد النجار ، نحن لا نختار متى وأين وكيف سنموت ، لقد عم الظلم والظلام والحروب والإرهاب كل مكان ، ليس هناك من عدل ولا قبس من نور ، ولا هناك أمن ولا سلام ولا إستقرار ، أننا نعيش في غابة موحشة لحيوانات ناطقة ، لا تحمل أي صفة من الصفات الإنسانية ، لقد سرق ذلك القناص المتوحش عمرك ، وبدد ذلك الحلم الذي كنت تحلم به ، وتحلم به تلك الزهور التي غرستها . اعذرني يا خالد ، إذا قلت لك إني أحسدك على الرحيل من تلك الغابة الموحشة ، لأن الموت أرحم وأكرم من الحياة فيها ، تلك الغابة التي لم يكن بها ، إلا كل جهل وخراب ودمار وتشريد ، وحرب وإرهاب وجوع ومرض ، وكل ما يمتهن الكرامة الإنسانية . خالد أرجوا إن تسامحنا ، لأنه لم يغتالك ذلك القناص وحده ، بل إننا اغتلناك جميعا ، بفسادنا وإرهابنا وظلمنا وعصبيتنا وتطرفنا ، والذي لم يغتالك بذلك ، اغتالك بالصمت على ذلك.