قال مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر إن البلاد تمر بمرحلة «دقيقة وحاسمة» مع استمرار مؤتمر الحوار الوطني الذي سيخرج بحلول للقضايا اليمنية ويضع الخطوط العريضة لدستور جديد لليمن قبل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في مطلع 2014.
وأكد -في حوار نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)- استمرار الدعم الإقليمي والدولي لليمن، مشيراً إلى ان الاجتماع المقبل لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن سيعقد في نهاية شهر سبتمبر.
وأشار إلى زيارته الأخيرة لصعدة ولقاءه بزعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي، مشيراً إلى أن الأخير طرح فكرة تشكيل حكومة إنقاذ وطني بدلاً عن الحكومة الحالية تشمل مشاركة جميع القوى اليمنية وليس فقط الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية لنقل السلطة.
حاوراه: ياسين التميمي ويحيى الضيبي
- ستغادرون صنعاء اليوم الخميس متوجهين إلى نيويورك، ما الذي ستحملونه إلى مجلس الأمن؟
الاجتماع المقبل لمجلس الأمن سيكون نهاية شهر سبتمبر، وأتمنى أن أعود إلى اليمن قبل موعد اجتماع مجلس الأمن.
- وصفتم قبل ثلاثة أيام مؤتمر الحوار بأنه يمر بمرحلة حاسمة ودقيقة.. فهل يعني هذا أن المؤتمر حقق اختراقات لكنه يواجه تحديات؟
أنا رأيي أنه مع ختام الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، تم إقرار تقرير يتضمن عدداً من المخرجات والتوصيات أكد من خلاله جميع الأعضاء في المؤتمر أنهم قادرون على إنجاح هذا المؤتمر، وأنا أظن أنه كان يوماً رائعاً يوم تمت المصادقة على تقرير الجلسة العامة الثانية، لأن هذا التقرير احتوى عدد كبير من المخرجات التي تم التوافق عليها خلال المدة الأولى من المؤتمر، هذا دليل على أنه هناك تقدم فعلاً وأن الجميع يتعاون على إنجاح هذا المؤتمر..
- هل من توضيح لعبارة حاسم ودقيق؟
بالتأكيد نحن دخلنا الآن أدق مرحلة في العملية الانتقالية، وسينصب العمل وسيتعاون الجميع من أجل إنجاح المؤتمر والخروج بمخرجات ستكون أسساً ومبادئ للدستور الجديد، سيتم إنشاء لجنة لصياغة الدستور، وسيكون حدثاً مهماً، وسيشكل منعطفا جديدا، وستعكس لجنة صياغة الدستور الاتفاقات السياسية التي تم التوافق عليها داخل المؤتمر، وسيتم عكسها في صياغة قانونية، صياغة دستورية، وهذا حدث مهم بالنسبة لليمن، وسيكون مناسبة في الحقيقة، لحوار آخر حول مستقبل اليمن، وكذلك للحوكمة والحكم الرشيد في اليمن.
- ماذا بشأن اللجنة التي ستكلف بصياغة الدستور.. هل ستكون مقيدة بمخرجات المؤتمر أم أنه سيتم إعطائها تفويض سياسي، بالنظر إلى أن مخرجات المؤتمر كما اتضح من خلال تقارير فرق العمل لم تكن تتمتع باحترافية فيما يخص صياغة الموجهات الدستورية؟
أولا أذكركم بما اُتفق عليه في آلية انتقال السلطة لاتفاق المبادرة الخليجية، والذي نص على عقد مؤتمر حوار وطني، تشارك فيه كل القوى السياسية، كما تم تحديد مواضيع هذا الحوار ومن بين هذه المواضيع قضايا دستورية في الحقيقة، يمكن القول إن العملية الدستورية بدأت مع بداية مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وكان متفق عليه في إطار الآلية التنفيذية هو أن مخرجات المؤتمر ستكون هي الأسس والمبادئ التي سيتم الاعتماد عليها في صياغة الدستور، وبانتهاء المؤتمر يتم إنشاء لجنة خاصة لصياغة الدستور، معنى ذلك أن هذه اللجنة ستتقيد بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، لأن كتابة أي دستور يقتضي اتفاق سياسي بين الأطراف، لأنها عملية سياسية أكثر منها عملية تقنية أو قانونية.. الدستور يجب أن يعكس اتفاق مجتمعي حول شكل الدولة، حول مستقبل اليمن، النظام السياسي.. إلخ. الدستور ينظم توزيع السلطة، وهنا تكمن أهمية مؤتمر الحوار الوطني، ولهذا قلت العملية الدستورية بدأت عملياً مع بداية الحوار الوطني.
وتقدمت هذه العملية والمرحلة المقبلة في إطار الحوار الوطني ستكون حاسمة، عدد من القضايا التي لم تحسم حتى الآن تشمل القضية الجنوبية، شكل الدولة، لكن مع نهاية المؤتمر سيتم الحسم في هذه القضايا الجوهرية، وستكون نتيجة المؤتمر أسس ومبادئ، ومن جهة أخرى المؤتمر سيناقش قضايا أخرى وسياسات وإجراءات الدولة يجب أن تعمل على تنفيذها، لكن أهم المخرجات هي الأسس والمبادئ.
- هناك إشكاليتان: إشكالية تتعلق بالزمن، والإشكالية الأخرى تتعلق بعدم الحسم في قضايا جوهرية مثل القضية الجنوبية وقضية صعدة.. هل يدور بخلدكم خيار التمديد الزمني للمؤتمر، بما يسمح بحسم قضايا بأهمية وحساسية القضية الجنوبية على سبيل المثال.
التمديد للمؤتمر ليس خياراً مطروحاً، لأن المؤتمر فعلاً تقدم في أعماله الآن، والدليل على هذا، هو التقرير الذي تمت المصادقة عليه في ختام الجلسة العامة الثانية للمؤتمر.
- لكن التقرير خلا من النتائج المتعلقة بالقضية الجنوبية وقضية صعدة؟
أنا أظن حتى بالنسبة للقضية الجنوبية وقضية صعدة، تم الاتفاق على جذور المشكلة وهذا يتضمن بعض الأفكار حول مسألة الحلول.. هذا المؤتمر كان من البداية مبنياً على الشفافية وعلى المشاركة العامة، والمشاركة الفعلية لجميع الأطراف، فعلاً القضايا معقدة ومستعصية، لكن جميع الأطراف موجودة، هذا شيء جديد بالنسبة لليمن، في السابق كانت أطراف معينة تتفاهم وتعقد اتفاقات، لكن الآن هناك أطراف جديدة، تتواجد في الساحة السياسية وفي العملية السياسية، مثل مجموعة الحراك، والحوثيين والشباب، والمرأة والمجتمع المدني، هذا طبعاً يقود إلى تحديات جديدة، لكن أثبتت تجربة العديد من الحوارات في العالم، أن المشاركة تكون كاملة عندما يكون هناك تقبل للرأي والرأي الآخر، عندما تكون القاعدة عدم إقصاء أي طرف، فعلاً عندما تحصل اتفاقات تكون اتفاقات دائمة، ويدافع عنها الشعب إذا كانت مهددة.
- هناك مخاوف لدى المراقبين بشأن ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار.. هل ستكون هناك ضمانات لتنفيذ وتطبيق مخرجات الحوار؟
بالنسبة لمؤتمر الحوار الوطني كانت الفكرة منذ البداية، أن المؤتمر لن يخرج بتوصيات، بل باتفاقات وأسس ومبادئ يتم الاعتماد عليها في بناء الدستور الجديد، لذلك الدستور سيتطلب تشريعات، لأن العديد من القضايا لا يمكن حسمها بتفصيل في الدستور.. من نتائج هذا المؤتمر هو دستور جديد، عدد من التشريعات سوف تلي المصادقة على الدستور، وكذلك، ستكون هناك سياسات جديدة بالنسبة للحكومة.. الجميع يعلم أن هناك فرصة تاريخية، جميع الأطراف موجودة وهناك درجة عالية من الوعي بالمسؤولية، النقاش كان دائماً نقاشاً بناء، والدليل على ذلك المخرجات التي تم إقرارها في ختام الجلسة العامة الثانية.
- من المعروف أن هناك أطراف عديدة تؤثر على مسار القضية الجنوبية، وهناك من يرى أن الطرف الموجود في المؤتمر ليس أكثرها تأثيراً.. هل تفكرون باستدعاء الدور الإقليمي ليقوم بالتأثير على هذه الأطراف بما يضمن حسم القضية الجنوبية، ويحقق القبول بالاندماج في الدولة اليمنية الجديدة؟
أنا أظن أن إطار حل القضية الجنوبية هو موجود الآن.. فعلاً هناك أطراف في الحراك الجنوبي غير موجودة في مؤتمر الحوار وندعوها إلى أن تلتحق بالمؤتمر، لكن أفكار الحراك وقضايا الحراك موجودة في المؤتمر، ومن أول يوم تم التعبير داخل المؤتمر عن أعلى سقف مطالب عبر عنه الحراك، حول كيفية حل القضية الجنوبية، ورغم ذلك كان هناك تقدم، النقاش مستمر الآن، وسيتم تكثيف الجهود من أجل طرح رؤى مستقبلية لحل القضية الجنوبية، هذا النقاش الآن حول جذور القضية والوضع الحالي في الجنوب.. إلخ، والنقاش الذي دار حول ضرورة تطبيق النقاط العشرين، هذه القضايا الآن ومنها النقاط العشرين عليها إجماع على ضرورة بلورة خطة عملية لتطبيق هذه النقاط وبشكل مزمن كذلك.
- الحكومة فعلاً شكلت لجنة للبدء بتطبيق هذه النقاط، التي يفترض أن تكون مُهيئة لانعقاد مؤتمر، ومؤتمر الحوار يوشك على النهاية.. والمخاوف من أن تتخذ هذه النقاط ذريعة لتعطيل المؤتمر.. إلى أي مدى تلمسون الموضوعية في تكرار الطرح بشأن هذه النقاط؟
بشكل عام النقاط العشرين كلها تدور حول موضوع إجراءات لإعادة بناء الثقة في مناطق كانت فيها حالات خاصة، الجنوب تعرض لمظالم وخروقات، كذلك بالنسبة لصعدة هناك ستة حروب نتجت عنها مآسي وآفات، لكن الآن هناك وعي عند الجميع بأن هناك عدد من الإجراءات يجب اتخاذها، وبدء العمل بتنفيذ عدد من هذه الإجراءات لتدخل في إطار النقاط العشرين، هناك نقاط يصعب تطبيقها بسهولة، لأنها تتطلب إمكانيات، أحياناً هناك جوانب قانونية تتعلق بتنفيذ هذه النقاط، لكن اجتمع اليمنيون الآن، وهناك اعتقاد راسخ بأن هناك ضرورة لإعادة بناء ثقة عبر برنامج متكامل، وهو ما يسمى بالنقاط العشرين، والتزم رئيس الجمهورية بتنفيذ هذه النقاط ولهذا أصدر تعليماته للحكومة باتخاذ الإجراءات الضرورية وبالفعل تعمل الحكومة في هذا الاتجاه.. بالتأكيد بعض النقاط ستتحقق، وهناك نقاط تتطلب مجهوداً خاصاً، وهناك نقاط تتطلب العمل على المستوى البعيد.
- أنتم زرتم قبل أيام محافظة صعدة وقابلتم زعيم حركة أنصار الله.. هل جاء اللقاء في سياق مساعيكم لإحداث اختراق في ملف قضية صعدة؟
زرت صعدة والتقيت بعبدالملك الحوثي، كما التقيت بممثلين عن الأحزاب السياسية، منها المؤتمر الشعبي العام، وأحزاب اللقاء المشترك، وشخصيات أخرى، والتقينا كذلك بعدد من ممثلي صعدة هنا في صنعاء عدة مرات، ولنا علاقات ومشاورات مستمرة مع الجميع.
كان الهدف من الزيارة هو الاطلاع على الأوضاع في هذه المنطقة التي عانت من ويلات الحروب، ستة حروب، كذلك الاطلاع على آراء مختلف الأطراف، حول العملية السياسية ومؤتمر الحوار الوطني، وكذلك قضايا خاصة تتعلق بمؤتمر الحوار الوطني، وكانت هذه الزيارة إيجابية.
أكدنا على أن هذه المرحلة تتطلب تعاون جميع الأطراف السياسية من أجل إنجاح مؤتمر الحوار الوطني، والجميع اتفق على أنه يجب أن يكون هناك عمل جاد وتعاون من طرف الجميع، لضمان حق المواطنة المتساوية.
- نقل عن زعيم حركة أنصار الله أنه عرض فكرة تشكيل حكومة إنقاذ وطني.. هل لمستم من خلال طرحه لهذه الفكرة أنه يريد أن يكون جزءاً من الحكومة الانتقالية؟
فعلاً عبد الملك الحوثي شرح لي فكرة حكومة إنقاذ وطني، لكن ما يجب التأكيد عليه هنا، هو أن حركة أنصار الله تريد أن تكون طرفاً في العملية السياسية، وفعلاً هي طرف في العملية السياسية بوجود ممثليها في مؤتمر الحوار الوطني، وتواجد ممثلها في هيئة رئاسة المؤتمر.
هذا تطور مهم وهو أن جميع اليمنيين يرون أن حركة أنصار الله يجب أن تكون اتجاه سياسي، يشارك في العملية السياسية بشكل سلمي، هذا يعني مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني، مشاركتهم في الانتخابات، وكذلك وجودهم في البرلمان المقبل.
وبحسب فهمي لحكومة إنقاذ وطني أن الحكومة تكون ممثلة لجميع الأطراف السياسية، وليس فقط الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لكن ما يجب أن نؤكد عليه هو أن هناك اتجاه إيجابي، وهذا الاتجاه هو مشاركة حركة أنصار الله لأول مرة في العملية السياسية وبشكل رسمي، وخلال هذه العملية هم يساهمون ولديهم فرصة للعمل مع التيارات السياسية، وكذلك مشاركتهم في تدارس جميع القضايا التي تهم اليمن.. المهم الآن ما هو حاصل في اليمن، فجميع الأطراف استوعب ضرورة التعاون من أجل إنجاح مؤتمر الحوار الوطني، وقد كانت مساهمة أنصار الله إيجابية في اللجنة الفنية للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، ونتمنى أن تكون مساهمتهم إيجابية كذلك في مؤتمر الحوار الوطني، وأن يكونوا حركة سياسية تشارك في العملية السياسية، بشكل سلمي.
- هل لا يزال تقييمكم للوضع المعيشي في البلاد، على حاله، وخصوصاً ما يتعلق باستهداف الخدمات العامة؟
يجب أن نعرف بأن اليمن يعاني من مشكلة إنسانية، نصف سكان اليمن، يعانون من سوء تغذية، ومليون طفل يمني يعانون من سوء تغذية حاد، والأوضاع المعيشية مزرية، وإمكانية الدولة محدودة، والهجمات المستمرة على البنية التحتية: أنابيب النفط والغاز، وخطوط الكهرباء كل هذا يكلف الدولة خسارة بملايين الدولارات شهرياً، وهذه جريمة ضد الشعب اليمني، وهذا لن يساعد الحكومة على القيام بواجبها في إطار إنعاش الاقتصاد.
- الإشكالية أنه ربما كان لهذه الأعمال ثمناً سياسياً، مثل عرقلة العملية السياسية أو إجهاضها، هل يمكن أن يتحقق ذلك؟
فعلاً كان هناك عمل منظم هدفه تقويض العملية السياسية، واعترف مجلس الأمن بهذا التحدي وهو ما جعله يصدر القرار رقم (2051)، وفي هذا القرار هدد مجلس الأمن بعقوبات في إطار البند (41) من ميثاق الأمم المتحدة. وأنا كذلك أكدت في تقريري الأخير إلى مجلس الأمن على استمرار هذه الهجمات وهذه التحديات، وقلت إن هذا خلق ثقافة الإفلات من العقاب، هذه الهجمات مستمرة وكما قلت آثارها بالغة، في نهاية المطاف هذه الهجمات خلقت حالة نفسية خاصة، ضداً على هذه الأوضاع.. وأقول إنه حان الوقت لاتخاذ الإجراءات الضرورية لمعاقبة ومحاسبة كل من يريد تقويض العملية السياسية عبر التخريب.
- اليمن جزء من المنطقة، وهناك أحداث هامة تشهدها المنطقة منها ما يجري في سورية وما جرى ويجري في مصر.. هل يمكن في ظل ما أوجدته تلك الأحداث من حالة استقطاب إقليمية ودولية، أن يتأثر الإجماع الإقليمي والدولي تجاه العملية السياسية في اليمن بتلك الأحداث؟
أظن أن الأوضاع السياسية في سورية، وما نشاهده من مآسي وتدمير في هذا البلد، وكذلك ما نشاهده من احتقان في مصر، قد جعل العالم كله ينظر نظرة إيجابية للتجربة اليمنية.
اليمن هي بين أكثر دول العالم من حيث انتشار الأسلحة، وكان اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية، لكن اتفقت قيادات سياسية على مخرج سياسي، وعلى انتقال سلمي للسلطة، وعلى الشراكة وعلى اقتسام السلطة، وعلى خارطة طريق مفصلة، لا غموض فيها، حول كيفية تنظيم وإدارة هذه المرحلة الانتقالية، اتفقت كذلك على مبدأ المشاركة السياسية وعدم الإقصاء لأي طرف، مهما كانت توجهاته.
وفي هذا السياق تم إدخال أطراف جديدة للعملية السياسية، عبر تنظيم مؤتمر الحوار الوطني، الشباب لهم دور في العملية السياسية وكذلك النساء والمجتمع المدني، وأطراف أخرى مثل الحوثيين والحراك الجنوبي، وهناك أحزاب سياسية حديث ناشئة لها دور كذلك، وتشارك في العملية السياسية.. المصريون والسوريون والعالم العربي ككل، ينظرون إلى هذه التجربة بجدية، لأن هناك العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها.
-ما يتعلق بالدعم الدولي لليمن في هذه المرحلة حاسمة، هناك إجماع في مجلس الأمن الدولي على دعم العملية السياسية، وهناك تعاون وثيق بين القوى الإقليمية في إطار مجلس التعاون الخليجي ومع الولايات المتحدة، وهناك إجماع في إطار مجموعة أصدقاء اليمن على دعم المرحلة الانتقالية، الرئيس عبدربه منصور هادي يحظى بدعم كبير جداً على مستوى الإقليم وعلى مستوى العالم، وهذا واضح. وهناك تضامن كبير مع الشعب اليمني الذي يمر بمرحلة دقيقة فعلاً، أنظار العالم تتجه إلى اليمن مع تقدم مؤتمر الحوار الوطني والنجاح الذي حققه هذا المؤتمر، من خلال المخرجات التي تمت المصادقة عليها في الجلسة العامة الثانية.
فعلاً كما قلت في ظل الوضع المؤلم الذي تعيشه سورية، والحالة الجديدة في مصر وحالات أخرى، الجميع يؤكد أنه في اليمن غلبت الحكمة اليمانية، والشجاعة السياسية، فاتفق الجميع على الطريق السلمي لنقل السلطة.
- كيف تنظرون الى وجهات النظر المتعددة إزاء الإطار الزمني لمشروع قانون العدالة الانتقالية؟. وإمكانية بلورة رؤية وفاقية ضمن مخرجات فريق العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار لمحددات القانون؟
كانت هناك خلافات منذ البداية حول نقاط معينة تتعلق بقانون العدالة الانتقالية وكان أهم نقاط الخلاف هي الفترة الزمنية التي يشملها هذا القانون، وهذا الخلاف هو خلاف تقليدي في عدد من الحالات الانتقالية، وأحياناً كل حزب سياسي أو طرف سياسي له مصلحة معينة من التركيز على تاريخ معين، أو مرحلة تاريخية معينة، وشاهدنا هذا في عدد من دول العالم التي كانت في حالة انتقالية وعالجت موضوع العدالة الانتقالية.. لكن أنا أركز على نقطتين، النقطة الأولى إنه يجب التعامل برؤية مستقبلية لموضوع العدالة الانتقالية ورؤية شاملة.
يجب أن تكون هناك خطة متكاملة لمسألة العدالة الانتقالية، لأنه في النهاية لا بد من وجود خطة نحدد كيفية التعامل مع هذا الماضي الأليم الذي مرت به اليمن، حروب، صراعات، وكيفية التعامل مع الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان، إلى آخره.. ولكن مع مراعاة ان يكون التعامل مع الماضي بطريقة تضمن التقدم الديمقراطي، ولا يعيق العملية الديمقراطية، وان يكون التعامل مع الماضي بشكل يضمن حقوق الضحايا.. فالضحايا لهم الحق في المساءلة ولهم الحق في معرفة الحقيقة، ولهم الحق في التعويض، ولهم الحق في جبر الضرر، ولهم الحق في الحصول على ضمانات قانونية حتى لا تتكرر كل هذه الخروقات.. والمهم من كل هذا هو أن تكون خطة متكاملة هدفها المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي.
ويصعب أحياناً في هذه الحالة أو في هذا الخصوص عندما تكون عملية الانتقال هي تفاوضية وتوافقية يصعب أحياناً الاتفاق على جميع هذه الجوانب المتعلقة بالعدالة الانتقالية، لكنها تتم هذه أحياناً بشكل تدريجي.. وأنا متأكد أن هذا النقاش سيبقى مفتوحا وسيتقدم للخروج بخلاصات، فهناك إجماع على عدد من النقاط، وهناك نقاط خلافية وأنا أتمنى أن يساهم مؤتمر الحوار الوطني وفريق العمل الخاص بالعدالة الانتقالية للدفع بالتوافق نحو قانون يتم اعتماده والمصادقة عليه بالإجماع، لأن عدد من تجارب دول العالم، برهنت على أن التجارب الناجحة هي التي كان فيها خطط تتعامل مع قضية العدالة الانتقالية، لكن في نفس الوقت بتوافق وإجماع.
- خلال لقائك وزير الشئون القانونية الدكتور محمد المخلافي، تم البحث في إعادة النظر بمشروع قانون العدالة الانتقالية.. هل سيتم ذلك بالتنسيق بين وزارة الشئون القانونية وفريق العدالة الانتقالية؟
لنا اتصالات مستمرة ومشاورات مستمرة مع وزير الشئون القانونية في جميع القضايا القانونية والتي منها موضوع العدالة الانتقالية.
- ولكن ما يزال الجدل قائماً داخل فريق العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار، بشأن تحديد فترة الصراعات السياسية.. فماهي مقترحاتكم للآليات التي من خلالها يمكن استكمال موضوع العدالة الانتقالية لضمان سير عملية التحول الديمقراطي وعدم عرقلتها؟
نعم النقاش ما يزال مفتوحاً، ولم يتم حسم التقرير النهائي لفريق العدالة الانتقالية، لكن المؤكد على أنه بالإمكان البحث عن صيغة توافقية إذا توفرت الإرادة السياسية لجميع الأطراف.
وما هو مؤكد هو أن هذه القضايا لا يمكن حسمها بين عشية وضحاها، إرث الماضي هو إرث ثقيل وأليم، وهذه المرحلة هي دقيقة جداً وتتطلب تعاون جميع الأطراف وأحياناً الاتفاقات السياسية قد تكون هشة، ولكن رغم ذلك للضحايا حقوق، ويجب العمل في هذا الاتجاه.. وكما قلت معرفة الحقيقة ضروري، ويجب على الحكومة الإسراع بتشكيل لجنة تقصي الحقائق.
- من وجهة نظرك لماذا تأخر تسمية أعضاء اللجنة؟
الحكومة السابقة وافقت على قرار مجلس حقوق الإنسان، الذي طالب بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة، وحكومة الوفاق الوطني كذلك وافقت والتزمت بإنشاء هذه اللجنة، ولكن هناك تأخير، أتمنى أن يتم تسمية أعضاء اللجنة لتبدأ العمل.
وبالطبع لجنة تقصي الحقائق ليست جنائية، الهدف منها هو معرفة حقيقة ما حصل، لكن بالنسبة لقانون العدالة الانتقالية فإنه يشمل قضايا أوسع وينظر إلى المستقبل عن طريق اقتراح عدد من الإجراءات وعدد من السياسات، هدفها هو الإنصاف من جهة، ومن جهة أخرى المصالحة الوطنية.
- ما الذي يمكن أن تقوله لليمنيين في ختام هذا اللقاء، بمناسبة انتهاء المرحلة الأولى من مؤتمر الحوار الوطني، وحلول شهر رمضان المبارك؟
أولاً أنا أهنئ اليمنيين واليمنيات بحلول شهر رمضان المبارك، وشهر رمضان سيكون مناسبة لتقييم مدى تقدم العملية السياسية في اليمن.. اليمنيون حققوا نجاحاً مهماً، وقطعوا الشوط الأول والمهم من مؤتمر الحوار الوطني، وتم الاتفاق على عدد من المخرجات تتعلق بقضايا أساسية ومحورية، يتم الاعتماد عليها في بناء الدستور الجديد.
وكذلك أريد أن أؤكد تضامني مع الشعب اليمني الذي يعاني من ظاهرة التخريب المستمرة ضد البنية التحتية، والهجمات المستمرة ضد أنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء وهذا يزيد من معاناة اليمنيين وبالخصوص الفئة المستضعفة والفقراء..هذه جرائم تكلف الدولة الملايين كما قلت، وتمس الشعب اليمني وبشكل خاص الفئات المستضعفة.. وقد حان الوقت لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
العالم يتابع الحالة في اليمن، ويتضامن مع اليمنيين، ويطالب بمساءلة المسئولين على هذا التخريب، وهذا العمل الذي يستهدف تقويض العملية السياسية في اليمن.
العالم سيبقى متضامناً مع اليمنيين، واليمنيون طبعاً سيتعاونون من أجل تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه في إطار نقل السلطة، وأنا واثق بأن اليمنيين قادرون على المضي إلى الأمام من أجل استكمال جميع استحقاقات هذه المرحلة.