وزراء الأمس ولصوص اليوم!!

2022-07-27 08:59

 

من أجمل ما قرأت لكم هذا الأسبوع قصة اختطاف أطفال الشوارع عام 1937م في بيروت ، من باعة العلكة واليانصيب وبائعي الورد وأكياس الورق من الحفاة وماسحي الأحذية والشحاذين والمتسولين في ساحة  الشهداء والبرج وشارع المصارف ومحيط دور السينما في بيروت والذين اختفوا فجأة ودب الذعر والقلق في نفوس أهاليهم وتوالت بلاغات اختفائهم للأجهزة الأمنية بشدة !!

وبعد تحريات الأجهزة الأمنية تبين لها أن الخاطف هو وزير الدفاع آنذاك رشيد بيضون الذي لم يرزق أطفالا وقد أخذ 400 طفلا واشترى لهم ثيابا وأحذية جديدة ثم نقلهم الى " المدرسة العاملية " في رأس النبع التي أسسها لتعليمهم جميعا على نفقته الخاصة واتصل بأهلهم وقال لهم : انا سأتكفل بتعليمهم جميعا وسأدفع مصاريف عيشهم من أكل وملبس وصحة وكل يوم سبت سأدفع مساعدات لأهاليهم ما كانوا يجنونه من عملهم !!

وبعد مدة تخرج أغلب أولئك الأطفال بشهادة البكالوريا وأرسل قسما منهم الى المانيا وفرنسا وغيرها من  الدول الأوربية لمواصلة دراستهم الجامعية وكان الرجل أول من أسس صرحا علميا في بيروت يضم كل الطوائف ، وأسس الوزير والمثقف رشيد يوسف بيضون ( الجمعية الخيرية لدعم الصغار  في لبنان !!

ومع الأسف الشديد لم يذكر أحد مثل هذه المواقف النبيلة ، ولم يذكرها  التاريخ ولكنه يذكر اللصوص والقتلة والمجرمين والسفاحين والفاسدين  بل ويحفظ أسمائهم لكن الرجال العظماء لا يذكرون وتطمس أسمائهم !!

اما واقعنا اليوم فيختلف عن ما سبق مائة وثمانون درجة ومن ذلك

عندما تشب نيران الحروب في أي بلد كان ولنأخذ اليمن كمثال حي  فقد نشأت  طبقة جديدة في المجتمع   من محدثي النعمة وأصحاب الأموال مجهولة المصدر وغالبا ما يكونوا فقراء وأصحاب أعمال بسيطة ليسوا من أصحاب المال والتجارة ويبدأ المنطق بطرح سؤال واحد من أين لك هذا؟!!

أموا لهم تنمو في مناطق تعاني من اضطرابات أمنية كمناطق حرب واشتباكات أو حصار أو مناطق حدودية .

النوع الأول : يعمل بتجارة السلاح فيبدأ بترويج أسلحة جديدة أو ذخيرة من جميع الأنواع، ويعرضها للبيع لطرفي النزاع  غالباً ما يكون هو وعصابته  قد حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، كسرقة مخازن أسلحة تابعة للحكومة أو شرائها من منظمات أو شركات تصنيع غير مرخصة وليس لديهم مانع من بيع أسلحتهم وذخائرهم للمجموعات متطرفة أو عنصرية فما يهمهم هو المال أما النوع الثاني :

فيعمل ببيع المواد الغذائية وسرقتها واحتكارها، وجمع المواد الغذائية ثم  يضغطون على أصحاب المحال التجارية بالقوة وتخويفهم لرفع أسعار البضائع أو أغلاق محالهم ليستطيعوا اكتساح السوق عن طريق الإشاعات الكاذبة والأخبار المزورة عن احتمال حدوث هجوم أو حصار على المنطقة ، وكل ما يجمع هؤلاء هو الرغبة باستثمار الأزمة والحرب لجمع المال، وهنا تظهر جمعيات خيرية لكنها أيضاً غطاء لبعض تجار الأزمات لغسيل أموال فكر قليلاً بما قلت وستجد أني قلت لك الحق هؤلاء هم تجار الأزمات لصوص الماضي تجار وسياسيو المستقبل. وفي ظل الحروب والازمات التي تعصف باليمن ظهر على واجهة الاحداث فئة باعت ضمائرها بثمن بخس مقابل  قيامهم بأعمال وممارسات سياسية او تجارية غير اخلاقية وغير شرعية او انسانية , تعتمد على استغلال الاحداث والظروف السيئة والصعبة التي تواجه الدول والشعوب.

ومن هؤلاء اعلاميين ومثقفين وسياسيين  يتصدرون واجهة الاحداث  على مختلف القنوات الاعلامية  كمحللين ومعلقين على مجريات الاحداث وتوجيهها بما يخدم مصالحهم واهداف من يستضيفهم على هذه القنوات  او يمولهم  ويتكفل بدفع نفقات معيشتهم واقامتهم  , حيث يقيم معظم هؤلاء خارج البلاد وفي فنادق راقية بعيدا عن ويلات الحرب ومعاناة  البسطاء من اثارها التدميرية .

  ماذا قدم هؤلاء اللصوص للوطن من خدمات ؟؟!

وماذا قدم  تجار الحروب والازمات ؟؟!!َ

والجواب لم يقدموا إلا الحروب واشعال الفتن !!

والجواب هو هذا هو الفرق بين وزراء الأمس ولصوص اليوم !!

وختاما أقول لهم : اتقوا الله في وطنكم وابناء وطنكم , واعلموا ان ما تقومون به اليوم   سوف تنقلب وبالا عليكم سوف يحاسبكم  الله عنها وعن كل قطرة دم سقطت على هذه الارض الطيبة نتيجة ما اقترفته ايديكم والسنتكم من اعمال واقوال ساهمت في اشعال نار الفتنة وتفاقمها وضياع الوطن ومصير ابناء الوطن . حماك الله يا وطني الحبيب من كل الأزمات والفتن , وطهر الله أرضك الطيبة من كل تجار الحروب وصناع الازمات ومن كل الحاقدين والظالمين والجاحدين والخونة والعملاء والمنافقين والفاسدين والمتآمرين .

 

د . علوي عمر بن فريد