إغلاق قناة الرحمة.. ضربة للإعلام السلفي في مصر

2022-06-23 15:16
إغلاق قناة الرحمة.. ضربة للإعلام السلفي في مصر
شبوه برس - متابعات - القـاهـرة

 

مصر تعتمد سياسة المراحل في تحجيم خطاب السلفيين الذين يجيدون استخدام لعبة الإعلام.

هل تنهي مصر التسامح “الخاص” مع السلفيين الذين يجيدون استخدام لعبة الإعلام خاصة مع تحذيرات من تحوّل البلاد إلى معقل للسلفية؟ فبعد منعهم من منابر الخطابة، ظهر تهافت فكرهم في محكمة العام الماضي، كما بدأت مصر في غلق قنواتهم، لكن تبقى للسلطات مواجهة فكرهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

القاهرة - أيدت محكمة القضاء الإداري، الدائرة السابعة استثمار، قرار الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، المتضمن إلغاء ترخيص قناة الرحمة الفضائية التي يديرها ويشرف عليها الداعية السلفي محمد حسان، وتصفية نشاطها، وحمَّلت المحكمة مالك القناة المصاريف القضائية.

 

وثبت للمحكمة، أنه عام 2007 صدر لمالك قناة الرحمة الإعلامية الترخيص بإقامة مشروع استثماري باسم منشأة الرحمة للإنتاج الفني والإعلامي وشهرتها “قناة الرحمة الفضائية” بالمنطقة الحرة العامة بمدينة الإنتاج الإعلامي بمدينة 6 أكتوبر محافظة الجيزة، برأس مال مقداره 700000 دولار أميركي، وبقيمة إيجارية سنوية مقدارها (990000 جنيه)، وعام 2019، فوجئ بخطاب صادر من رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي بصفته، يفيد بصدور القرار رقم (647) القاضي بإلغاء الترخيص، وإلزامه خلال شهرين بتصفية النشاط، وقد استندت جهة الإدارة في إصدار هذا القرار، إلى رفض لجنة التراخيص بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام منح المدعي (منشأة الرحمة للإنتاج الفني والإعلامي) الترخيص اللازم للتشغيل.

 

واستندت المحكمة، على القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن إصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ينص، في المادة (1) إصدار منه، على أن “يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وتسري أحكامه على جميع الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحافية والإعلامية والمواقع الإلكترونية، ويستثنى من ذلك الموقع أو الوسيلة أو الحساب الإلكتروني الشخصي ما لم ينص القانون المرافق على خلاف ذلك”.

 

شيوخ الدعوة السلفية يجيدون التجارة بالدين منذ أكثر من نصف قرن عبر استخدام وسائل الإعلام للوصول إلى جمهورهم

 

وينص في المادة (2) منه علي أنه “على الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحافية والإعلامية والمواقع الإلكترونية القائمة في تاريخ العمل بأحكام القانون المرافق أن توفق أوضاعها طبقا لأحكامه ولائحته التنفيذية، وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية”.

 

وعَرّف القانون الوسيلة الإعلامية، بأنها “قنوات التلفزيون الأرضية والفضائية، ومحطات الإذاعة السلكية واللاسلكية والإلكترونية…”.

 

وأوضحت المحكمة، نص المادة (49) منه، على أن ” للمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، الحق في تملك الوسائل الإعلامية أو المواقع الإلكترونية الإعلامية وفقا لأحكام هذا القانون.”، كما حددت المادة (51) أنه “يشترط في مالك الوسيلة الإعلامية التي تزاول البث أو إعادة البث المسموع أو المرئي أو الإلكتروني أو الرقمي على شبكة المعلومات الدولية أن تتخذ شكل شركة من شخص واحد أو أكثر”. وانتهت المحكمة، إلى أن الثابت لديها، أن مالك القناة لا يتمتع بالجنسية المصرية، وأن منشأته المطلوب الترخيص لها بالتجديد منشأة فردية ولا تتخذ شكل شركة، ومن ثم يكون مفتقدا للشروط الواجب توافرها والمحددة بنصوص القانون لإمكانية منحه الترخيص اللازم لإنشاء أو تشغيل الوسائل الإعلامية، وبالتالي يكون القرار الصادر برفض طلبه بشأن إلغاء قرار الهيئة العامة للاستثمار بتصفية منشأة الرحمة، وكذلك رفض تجديد الترخيص الممنوح له لمدة مماثلة للمدة السابقة عليها وبذات الشروط، قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون، ويجب رفض دعواه، وتأييد قرار غلقها.

 

واعتبر مراقبون أن قرار إغلاق القناة “ضربة للخطاب السلفي”، فيما قال آخرون إنها شارة البداية لمواجهة الفكر السلفي متسائلين إن كانت مصر تتوفر على الوسائل اللازمة لمكافحته، خاصة مع تزايد التحذيرات من تحول مصر إلى معقل جديد للسلفية بعد التضييق عليها في السعودية. وتسعى السعودية لحلحلة الأيديولوجيات السلفية بالتغيير التدريجي في المجتمع السعودي. ويتوقع أن يهاجر رموز السلفية في السعودية الذين يخشون الصدام مع سلطاتها إلى مصر برعاية أطراف دوليّة لا تريد لمصر والسعودية الاستقرار لاستغلالهما كورقة ضغط في المستقبل.

 

وقال أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الشريف أحمد كريمة إنه يشعر بأنّ “السلفيّة يتمّ كنسها من السعوديّة لتستقرّ في مصر”.

 

مراقبون يرون أن قرار إغلاق القناة ضربة للخطاب السلفي، فيما قال آخرون إنها شارة البداية لمواجهة الفكر السلفي متسائلين إن كانت مصر تتوفر على الوسائل اللازمة لمكافحته

 

ولطالما تساءل مراقبون عن سر التسامح مع الظهور السلفي المكثف في مصر، وكانت التيارات السلفية من أكثر الحلفاء قرباً من جماعة الإخوان المسلمين بعد صعودها إلى سدة الحكم في أعقاب ثورة 25 يناير2011، ومع تزايد الغضب الشعبي ضد الجماعة، وخروج تظاهرات غاضبة ضخمة تطالب بإزاحتها من السلطة، تنصّلت غالبية قيادات التيار السلفي من الإخوان المسلمين. وفي 3 يوليو 2013 ظهرت قيادات “حزب النور”، أكبر الأحزاب السلفية في مصر، على الشاشات داعمة لخلع الرئيس الأسبق محمد مرسي القيادي بـ”الإخوان المسلمين”. وعلى الرغم من أن الدستور المصري للعام 2014 يحظر تأسيس الأحزاب على أساس ديني، سمح لـ”حزب النور” الذي تأسس في شهر مايو من العام 2011، بالاستمرار في العمل.

 

وقال الخبير الإعلامي مجدي مكاوي إن قادة التيارات الإسلامية وفي مقدمتهم شيوخ الدعوة السلفية يجيدون التجارة بالدين منذ أكثر من نصف قرن عبر استخدام وسائل الإعلام المختلفة للوصول إلى جمهورهم، بداية من شرائط الكاسيت في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ثم القنوات الفضائية في السنوات العشر الأولى من القرن الحالي، وأخيرا المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

وشكلت شهادة محمد حسان أمام هيئة المحكمة في القضية المعروفة إعلامياً بـ”داعش إمبابة”، ومن قبله محمد حسين يعقوب، العام الماضي خطوة هامة وبارزة في تعامل النظام المصري مع التيار السلفي ورموزه، إذ ظهروا أمام الجماهير وقد تملصوا من مواقفهم السابقة وأصبحوا مصدر تندر وسخرية.

 

وبعد توقف البرامج الفضائية لشيوخ السلفية التي كانوا يقتاتون منها، ومنعوا من الخطابة في المساجد بقرار من وزارة الأوقاف، لجأ هؤلاء إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم وآرائهم وخطبهم ودروسهم، ودشنوا قنوات على يوتيوب الذي يوفر لهم دخلا ماليا بالدولار فضلا عن تدشين مواقع إلكترونية تحمل أسماءهم.

 

شيوخ الدعوة السلفية لجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم وآرائهم ودشنوا قنوات على يوتيوب بعد توقف برامجهم الفضائية التي كانوا يقتاتون منها

 

وبحسب موقع “سوشيال بلايد” (Social blade) المتخصص في إحصائيات يوتيوب، فإن أرباح قناة أبوإسحاق الحويني مثلا قدرت العام الماضي بنحو مليون و887 ألف جنيه مصري (120 ألف دولار).

 

ويمتلك الحويني موقعا إلكترونيا يشرف عليه ابنه أبويحيى الحويني، ويزور صفحته الرسمية على فيسبوك مليونان و300 ألف متابع، وحسابه على تويتر 167 ألفا و100 متابع، فضلا عن 27 ألفا على موقع “ساوند كلاود”، و156 ألفا على إنستغرام.

 

وفي هذا الإطار طالب نواب برلمانيون قبل فترة بغلق جميع المواقع الإلكترونية التابعة للسلفيين، وغلق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلين إن المنتمين إلى التيار السلفي يتحايلون على القانون ويصدرون الفتاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعى بعد منعهم من الفتوى.

 

وقال أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب عمر حمروش، في تصريحات صحافية، إنه لابد من اتخاذ موقف حاسم ضد المواقع الإلكترونية التى تمتلكها قيادات التيارات والجماعات السلفية، مطالبا المجلس الأعلى للإعلام بحجبها نظرا لما تنشره من فتاوى مثيرة وآراء تحض على العنف والتطرف وتبث سمومها في المجتمع.

 

أما عضو مجلس النواب والأستاذة بجامعة الأزهر آمنة نصير فقالت إن فتاوى السلفيين التي تصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تثير الفوضى في المجتمع، مشددة على أنهم تابعون لقوى ظلامية وليسوا من أهل العلم، على حد قولها. وأضافت أن السلفيين يتحايلون على القانون الذي يمنعهم من إصدار الفتاوى، مطالبة بالتصدي لهم عبر إغلاق تلك المنافذ التي يطلون منها، إلى جانب توعية المواطنين بخطر هؤلاء المتطرفين.

*- شبوة برس ـ صحيفة العرب